قد عرف مولانا وفّقه الله ووقفه على منهج الرّشاد، أنّ جناية الغضب الذّميم، تقدح في كرم الجنث «١» الكريم، وأنّ قبيح الصّلف، ينسخ تليد الشّرف، وخبيث الذّرّية، يعفّي على طيب المناحت الزّكيّة، وأنه ليس لمن تحلّى بالظّلم والجور، وتلبّس بالنّكث والغدر، وسامح نفسه باطّراح الحقوق، واستيطاء العقوق، إلّا إضاعة الحرم، وإخفار الذّمم.
المعاتبة من كلام المتأخرين:
الشيخ شهاب الدين محمود «٢» الحلبي:
يقبّل الأرض وينهي أنه قد صار يرى قربه أزورارا، وطويل سلامه اختصارا، ويغالط في ذلك حتّى شاهده عيانا مرارا، هذا وبكر الولاء، صقيلة الجلباب، وعروس الثناء، جميلة البزّة حسنة الشّباب، وهو لا يفتأ من الموالاة في صعد وقدره في صبب، فكلّما مكّن وتد الاستعطاف يرجو عدم تخلخله فصل بأيسر سبب، بحيث أطفأ الإهمال نار المساعفة والمساعدة، وانتقل توهّم عدم العناية إلى تيقّن وجوده بالمشاهدة، وقد كان يرفع قدره فخفض، وعوّض في الحال عن الرّفع بالابتداء، أنه مفرد وينصب كالنكرة في النّداء، وأهمل حتّى صار كالحروف لا تسند ولا يسند إليها، وألغي حتّى شابه ظننت إذا وقعت متأخّرة عن مفعوليها، ومتى يقلق لأمر، أنشد نفسه (كامل) :
ما في وقوفك ساعة من باس
«٣» .
وكان يغشى مجلسه الكريم خدمة وأداء للواجب، وطلبا لعادة أكّدها