زال فضله كاملا، وإحسانه إلى الأولياء واصلا، ونواله لبني الآمال شاملا.
المملوك يخدم أحسن من نور الرّبا، وثناء ألطف من ريح الصّبا، وسلام أطيب بمروره من تذكّر أيّام الصّبا.
وينهي ورود الكتاب الذي طاب بالمولى محتده «١» ونجاره، وزاد على كتائب الكتب فخاره، وأنه وقف عليه وقوف مشتاق إلى مرسله، شاكر أنعم فضله وجسيم تفضّله، فأسكرته تلك الفصاحة بشذاها الأرج، ونزّهت لحظه في درّ لفظها البهج، فظنّها لمّا استنشق رائحتها راحا قرقفا «٢» ، ولمّا أبهجه لفظها بألفاظ تزهي على الرّياض روضة أنفا «٣» ، وعلم الإشارة الكريمة في معنى فلان والوصيّة بخدمته، وما أمر به من مساعدته ومساعفته، وعند وصول مشرّف المولى وقبل وضعه من يده، نوى المملوك مساعدة المذكور على مقصده، فتقدّم بإحضار غريمه فوجده عن البلد غائبا، فانتظره إلى أن عاد آئبا، فعند وصوله طلبه وأحضره، وسأله عمّا يدّعيه عليه خصمه فأنكره، وطلب الحضور إلى القاضي «٤» ، وحثّ على ذلك حتّى أوهم أنه المتقاضي، فلمّا رأى المملوك أن حجّة المشفوع فيه لا تقوم بصدق دعواه وحجج، ولا يظهر بها على غريمه إلا من طريق حرج، بذل في مصالحتهما جهد الاجتهاد، وما زال يرشدهما إلى طريق الرّشاد، ويدلّهما على سبيل السّداد، ويعرّفهما أن التضارر ضير، وأنّ الصّلح خير، فكل منهما يهيم في واد، ويسلق خصمه بألسنة حداد، إلى أن تراضيا