شكر الله افتقادها وأنسها، وقلمها وطرسها، وحمى من عارض الخطب لا من عارض الخصب شمسها، ولا أعدم الأولياء قصدها الجميل، وودّها الجليل، وإحسان رسائلها الّتي كرمت فما صوب الغمام لها رسيل، وأمتع الممالك بيمنها الّتي صحّت بتدبيره فليس غير النّسيم عليل.
وينهي ورود المشرّف الكريم فتلقّاه المملوك حبيبا واردا، وطبيبا بإحسانه وللجسد عائدا، وفهم المملوك ما انطوى عليه من الصّدقات الّتي ما زالت في فهمه، والمحبة الصادقة الّتي ما عزبت عن علمه، وما تضمّن من فصول كانت أنفع من فصول أبقراط «٢» لمعالجة جسمه، وأين أبقراط من بركات كتاب مولانا الذي طالع منه كتاب الشّفاء على الحقيقة، والنّجاة من عروة البأس الوثيقة؟
وأدنى ورقته الحمراء لرأسه تبرّكا وإكراما وقال: نعم الجلّنارة المعوّذة من الشّقيقة، واستطبّ حروفها فإنها عن أيدي الكريم والكرامات، ولثم العلامة وتمسّك بالسّطور فإنها من أسباب الصّحّة والعلامات؟ ووافقت عيادة مولانا مبادي العافية وآذنت بالزّيادة، وصلح خطّه الكريم عائدا وما كلّ خطّ يصلح للعيادة، وما تلك الجارحة المتألّمة إلّا يد أثقلتها منن مولانا فأعيت وتألّمت، ثم أعانتها بركته هي والقدم بالحمل العظيم وتقدّمت، وما بقيّة الجوارح إلّا عيون كانت تنتظر لطف الله تعالى وبركته وقد قدمت، فشكرا لها من بركات تنعم بها قبل الجسوم أرواحها، وأدوية قلبيّة تعالج بها ذوات النّفوس فكيف أشباحها، لا برح جوهر كلمات مولانا يؤذن بالشّفاء من العرض، وسهام أقلامه إذا كتبت عائدة أو جائدة أصابت الغرض وفوق الغرض.