فيه برسوم تشتمل عليها، نعم ولا أن نقدّم له مقدّمة تكون توطئة لما بعدها، كما يجري الأمر في سائر فنون المكاتبات الأخر الّتي لا تخلو من مقدّمات تحلّ منها محلّ الأساس من البنيان، والرأس من الجثمان، لكن المقدّمات الّتي توضع في الكتب من شرطها أن تكون مشتقّة من نفس معنى الكتاب، ومنهي الخبر لا يمكنه أن يستنبط من كل خبر ينهيه مقدّمة تكون باسطا له، وإنما يقول: كتبت من موضع كذا يوم كذا، والذي أنهيه كذا، بل الذي يلزمه أن يتحدّاه بطاقته، ويتحرّاه بجهده، أن يبيّن ما يطالع به من الأخبار، ويكشفه ويوضّحه ويفصح عنه، ولا يقف منه إلّا عند الشفاء والإقناع لتتقرّر صورته في نفس من ينهيه إليه، اللهم إلّا أن يكون الخبر مما يوجب الأدب العدول عن لفظه الخاصّ به، والإخبار عنه بألفاظ تؤدّي معناه، ولا يهجم على المخبر بما يسوء سماعه، كأن يكون خبرا يرفعه إلى سلطان «١» عن عبد له قد أطلق فيه ما يضع منه ويسقط مهابته، أو نحو من ذلك مما يثقل على السلطان المنغص منه، فإنه ينبغي أن يعدل في هذا وأمثاله عن التصريح إلى التعريض، ومن التصحيح إلى التّمريض، وعن المكاشفة إلى التّورية، وأن يأتي بألفاظ تدلّ على معاني ما يروم إبداءه، ويحرص [على] صورة منزلة السلطان وتوقيره عن قرع سمعه بما يكرهه ولا تجوز مقابلته به، وأن يقصد إلى استعمال الإيجاز والإطناب في المواضع الّتي تحتمل كلّا منهما، فهذا ما يمكن أن يتعرّف من رسوم هذا الباب.
قال: ومن نفذ فهمه وخاطره في الصناعة وتدرّب فيها، يكتفي بهذه اللّمعة.
ولا يحتاج إلى زيادة عليها.
في الإخبار بوقوع مطر وسيل من ترسّل أبي الحسين «٢» بن سعد: