كتب بعضهم إلى كمال الدّين بن الأثير، وقد جاء إليه في بستانه فلم يجده ولا وجد من أنصفه:
حضر المملوك البستان، مستدنيا قطوف الإنعام والإحسان، واستمطر سحائب فضله، وهزّ إليه بجذع نخله، فلم تتساقط عليه رطبا جنيّا، فعلم أنه قد جاء شيئا فريّا، فثّبت نفسه مع تصاعد الأنفاس، والطمع ينشده (كامل) .
ما في وقوفك ساعة من باس
«١» فانطلق حتّى أتى القرية مستطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوه، مستعطفا حاشيته الرقيقة فأبوا «٢» حاشيته أن يستعطفوه، وقال كلّ منهم: تطالب بالقرى كما تطالب بدينك، ارجع حيث شئت هذا فراق بيني وبينك. وعلم أنه لو أقام بها جدارا لما أعطي عليه أجرا، ولو حاول قرى لسمع من التوبيخ ما لم يستطع عليه صبرا، فرجع بخفّي حنين، بعد مشاقّ جرّعت كاسات الحين، فأين هذه المعاملة مما نشيعه عنه من كريم الخلال؟ وكيف نشكو نقص حظّ وله كمال الإحسان وإحسان الكمال؟
الأجوبة عن رقاع المداعبة قال في «موادّ البيان» : ينبغي للمجيب عن المداعبة أن يشتقّ من نفس الابتداء جوابا مناسبا لها، وأن يبنيه متى أحبّ الأخذ بالفضل على المسامحة، واطّراح المناقشة، والإغضاء عمّا يمضّ إبقاء على المودّة، وتحسينا لقبح الصّديق، وتعوّدا لعادة الحلم والاحتمال، وأن يذهب في الجواب مذهب الاختصار، وإيراد النّكت الرائعة كما في الابتداء، على ما تقدّم.