للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سرّا، وقال له مثل ما قال لعامر، فردّ عليه علقمة بما ردّ به عامر وانصرف وهو لا يشك أنه ينفّر عامرا عليه؛ ثم إن هرما أرسل إلى أخيه وبني أخيه: إني قائل غدا بين هذين الرجلين مقالة، فإذا فرغت فليطرد بعضكم عشر جزائر فلينحرها عن علقمة، وليطرد بعضكم مثلها فلينحرها عن عامر، وفرّقوا بين الناس أن لا يكون لهم جماعة. وأصبح هرم فجلس مجلسه وأقبل الناس، وأقبل علقمة وعامر حتّى جلسا، فقال لبيد:

يا هرم ابن الأكرمين منصبا ... إنّك قد وليت أمرا معجبا

فاحكم وصوّب رأي من تصوّبا ... إنّ الّذي كنت عليه ترتبا «١»

لخيرنا خالا وأمّا وأبا ... وعامر خيرهما مركّبا

وعامر أدنى لقيس نسبا

فقال هرم: إنكما يا بني جعفر قد تحاكمتما عندي وأنتما كركبتي البعير الفحل تقعان الأرض معا، فليس منكما واحد إلا وفيه ما ليس في صاحبه، وكلاكما سيّد كريم، فعمد بنو هرم وبنو أخيه إلى تلك الجزر فنحروها حيث أمرهم هرم، وفرّقوا بين الناس، ولم يفضّل هرم واحدا منهما على صاحبه، وكره أن يجلب بذلك شرّا على الفئتين، وهما ابنا عم؛ فلما رأى ذلك الأعشى، خرج وهو يقول:

شاقك من قتلة أطلالها ... بالشّطّ فالوتر إلى حاجر

وقد رآها وسط أترابها ... في الحيّ ذي البهجة والثّامر

إذ هي مثل الغصن هيّالة ... تروق عيني ذي الحجا الزائر

كدمية صوّر محرابها ... بمذهب في مرمر مائر

تشفي غليل النّفس لاه بها ... حوراء تسبي نظر النّاظر

عهدي بها في الحيّ قد سربلت ... هيفاء مثل المهرة الضّامر

<<  <  ج: ص:  >  >>