وقولك مثل طويّتك- وعلى أن لا ترجع عن شيء من حقوق هذه البيعة وشرائطها على مرّ الأيام وتطاولها، وتغيّر الأحوال وتنقّلها، واختلاف الأزمان وتقلّبها- على أنّك في كلّ ذلك من أهل الملّة الإسلامية ودعاتها، وأعوان الدولة العبّاسيّة ورعاتها؛ لا يداخل قولك مواربة ولا مداهنة، ولا تعترضه مغالطة ولا تتعقّبه مخالفة، ولا تخيس به أمانة، ولا تغلّه خيانة، حتّى تلقى الله تعالى مقيما على أمرك، وفيّا بعهدك، إذ كان مبايعو ولاة الأمور وخلفاء الله تعالى في الأرض إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً
«١» .
عليك بهذه البيعة- الّتي أعطيت بها صفقة يدك، وأصفيت فيها سريرة قلبك، والتزمت القيام بها ما طال عمرك، وامتدّ أجلك- عهد الله إنّ عهد الله كان مسؤولا، وما أخذه على أنبيائه ورسله وملائكته وحملة عرشه من أيمان مغلّظة وعهود مؤكّدة، ومواثيق مشدّدة، على أنك تسمع وتصغي، وتطيع ولا تعصي، وتعتدل ولا تميل، وتستقيم ولا تحيد، وتفي ولا تغدر، وتثبت ولا تتغيّر، فمتى زلت عن هذه المحجّة حاقرا لأمانتك، ورافعا لديانتك، فجحدت الله تعالى ربوبيّته، وأنكرته وحدانيّته، وقطعت عصمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وجذذتها، ورميت طاعته وراء ظهرك ونبذتها، ولقيت الله يوم الحشر إليه، والعرض عليه، مخالفا لأمره، وخائنا لعهده، ومقيما على الإنكار له، ومصرّا على الإشراك به، وكلّ ما حلّله الله لك محرّم عليك، وكلّ ما تملكه يوم رجوعك عن بذلك، وارتجاعك ما أعطيته في قولك، من مال موجود ومذخور، ومصوغ ومضروب، وسارح ومربوط، وسائم ومعقول، وأرض وضيعة، وعقار وعقده، ومملوك وأمة، صدقة على المساكين، محرّمة على مرّ السّنين، وكلّ امرأة لك تملك شعرها وبشرها، وأخرى تتزّوجها بعدها، طالق ثلاثا بتاتا، طلاق الحرج والسّنّة لا رجعة فيه ولا مثنويّة، وعليك الحجّ إلى بيت الله الحرام الذي بمكّة ثلاثين دفعة