المستجيبين له بكفالته وضمانه، وجعلهم يوم الفزع الأكبر مكنوفين بحفظه مشمولين بأمانه، وأوزعه الشّكر على ما استرعاه إيّاه من أمر هذه الأمّة، ونقله إليه من تراث آبائه الهداة الأئمّة، وكشفه بإمامته من أفجع نائبة وأفظع ملمّة.
وصلّى الله على جدّنا محمد رسوله الذي أخبر الأنبياء المرسلون بصفته ونعته، وتداولوا البشرى بما يستقبل من زمانه وبعثه، وذكروه فيما أتوا به من كلّ كتاب أوحاه الله وأنزله، واعترفوا بأنه أفضل من كلّ من نبّأه الله وأرسله، فيسّر الله سبحانه ما كان مرتقبا من ظهوره، وأذن في إشراق الأرض بما انتشر في آفاقها من نوره، وبعثه- جلّت قدرته- إلى الأمّة بأسرها قاطبة، وجعل ألسنة الأغماد مجادلة لمن خالف شرعه مخاطبة، فكان لآية الكفر ماحيا، وفي مصالح البريّة ساعيا، وإلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة داعيا، إلى أن لمعت آيات الحقّ وسطعت، وانحسمت مادّة الباطل وانقطعت، وظهر من آياته ما كبّر له المخبتون، واشتهر من معجزاته ما خصم به المتعنّتون، وخاطبه الله فيما أنزل عليه بقوله: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ
«١» . فحينئذ نقله الله إلى ما أعدّ له من جنّاته، وخصّه بشرف الشّفاعة في يوم مجازاته، وصدقه وعده فيما بوّأه من النعيم المقيم: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ*
«٢» .
وعلى أبينا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أولى الناس بالنّبيّ، وأوّل من اتّبعه من ذوي قرابة وأجنبيّ، وابن عمّه الذي اختصّه بمؤاخاته، وجعله خليفة على كافة الناس بعد وفاته، وتحمّل بأمر الله، فيما ولّاه وأولاه، وخطب الناس في حجّة الوداع فقال:«من كنت مولاه فعليّ مولاه» ، وعلى آلهما الكرام الأبرار، وعترتهما المصطفين الأخيار، وهداة المسلمين وقدوتهم، وأمراء المؤمنين وأئمّتهم، الذين حكموا فأقسطوا وما قسطوا، وسلك الحاضرون منهم