يستخلفه بعده مثل فعل النبيّ، وقد علم الإمام الحاكم- عليه السّلام- أنّ المراد بذلك من يأتي بعده ممن أولده أو أنسله، لأنّ ولده حاضر والمقصود من لا ولد له، فجعل ولاية عبد الرحيم العهد تأسيسا لما سيكون، ونقلا للنّفوس من الانزعاج إلى أن تشملها الطّمأنينة والسّكون. فلمّا أفضى الله إلى الإمام المنصور أبي عليّ الإمام الآمر بأحكام الله أمير المؤمنين بالخلافة الّتي جعلها واجبا له حقّا، ووافق جدّه- عليه السّلام- وكان لقبه من لقبه مشتقّا، ظهر المنكتم، ووضح المستتر، وعاد التعريض تصريحا، والتمريض تصحيحا، والرّمز إبانة، والنصّ على أمير المؤمنين أمانة، فاقتدى بجدّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في استخلاف أمير المؤمنين مع حضور عمومته، وفعل في ذلك فعلته وجرى على قضيّته، وكشف عمّا أبهمه الإمام الحاكم بأمر الله قدّس الله لطيفته فتساوى الخاصّ والعامّ في معرفته، ثم حلّه أمير المؤمنين محلّ نفسه في الجلوس على الأسمطة «١» ، وعمل لأوليائه ورعيّته في ذلك بالقضايا المحيطة، ونصبه منصبه في الصلاة على من جرت عادته بالصلاة على مثله، وجمع في اعتماد ذلك بين إحسانه وفضله وبين امتنانه وعدله، وإذ قد تبيّن هذا الأمر الواضح الجليّ، وتساوى في علمه الشانيء والوليّ، وعلم هو ما خصّ الله به أمير المؤمنين من الإمامة، وأزاله عن العقول من ضباب متكاثف وغمامة، وشمله به من فضله ورافته، ونصبه فيه من منصب خلافته الّتي أيّدها بوليّه ووزيره، وعضّدها بصفيّه وظهيره، السيد الأجل أبي الفتح يانس الحافظيّ الذي جعله الله على اعتنائه بدولة أمير المؤمنين من أوضح الشواهد والدلائل، وصرف به عن مملكته محذور الصّروف والغوائل، وأقام منه لمناصحة الخلافة مخلصا جمع فيه أسباب