«١» لقد جمعت الدنيا أطرافها وأزمعت على المسير، وجمعت الأمّة لهول المصير، وزاغت يوم موته الأبصار: إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ
«٢» .
وبقيت الألباب حيارى، ووقفت تارة تصدّق وتارة تتمارى، لا تعرف قرارا، ولا على الأرض استقرارا: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى
«٣» .
ولم يكن في النّسب العباسيّ ولا في جميع من في الوجود، لا في البيت المسترشديّ ولا في غيره من بيوت الخلفاء من بقايا آباء لهم وجدود، ولا من تلده أخرى الليالي وهي عاقر غير ولود، من تسلّم إليه أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم عقد نيّاتها، وسرّ طويّاتها، إلّا واحد وأين ذلك الواحد؟ هو والله من انحصر فيه استحقاق ميراث آبائه الأطهار، وتراث أجداده ولا شيء هو إلّا ما اشتمل عليه رداء الليل والنّهار، وهو ابن المنتقل إلى ربّه، وولد الإمام الذاهب لصلبه، المجمع على أنه في الأنام، فرد الأيّام، وواحد وهكذا في الوجود الإمام، وأنه الحائز لما زرّرت عليه جيوب المشارق والمغارب، والفائز بملك ما بين الشارق والغارب، الراقي في صفيح السماء هذه الذّروة المنيفة، الباقي بعد الأئمة الماضين رضي الله عنهم ونعم الخليفة، المجتمع فيه شروط الإمامة، المتّضع لله وهو من بيت لا يزال الملك فيهم إلى يوم القيامة، الذي تصفّح السّحاب نائله، والذي لا يغرّه عاذره ولا يغيّره عاذله، والذي (طويل) .
تعوّد بسط الكفّ حتّى لو انّه ... ثناها لقبض لم تطعه أنامله
والذي (طويل) .
لا هو في الدّنيا مضيع نصيبه ... ولا ورق الدّنيا عن الدّين شاغله