من [عزّهم]«١» الموهوب، وصبرهم على الخطوب، بكلّ عدد وعدّة، دارهم الثغر الأقصى ونعمت الدّار! وشعارهم «لا غالب إلّا الله ونعم الشعار! زهّاد إذا ذكر الدّين، أسود إذا حميت الميادين، جبال إذا زحفت الصّفوف، بدور إذا أظلمت الزّحوف، غيوث إذا منع المعروف، أفراد إذا ذكرت الألوف، إن بويعوا فالملائكة وفود [وحملة العلم] «٢» وحملة السّلاح شهود، وإن ولدوا فالسّيوف تمائم والسّروج مهود، وإن أصحروا للعدوّ فالظّلال بنود، وجنود السبع الطّباق «٣» جنود، وإن أظلم الليل أسهروا جفونهم في حياطة المسلمين والجفون رقود.
وإنّ هذا القطر الذي انتهى سيل «٤» الفتح الأوّل إلى ناحيته «٥» ، وأحيلت قداح الفوز بالدّعوة الحنيفيّة على الأقطار «٦» فأخذ الإسلام بناصيته، كان من فتحه الأوّل ما قد علم، حسب ما سطّر ورسم، وإنّ موسى بن نصير وفتاه، حلّ من فرضة مجازه محلّ موسى وفتاه، وحلّ الإسلام منه دار قرار، وخطّة خليقة «٧» بارتياد واختيار، وبلدا «٨» لا يحصى خيره، ولا يفضله بشيء من المزيّة ما عدا الحرمين غيره، وامتدّت الأيّام حتّى تأنّس العدوّ لروعته، وخفّ عليه ما كان من صرعته، وقدح فأورى، وأعضل داؤه واستشرى «٩» ، وصارت الصّغرى الّتي كانت الكبرى، فلولا أنّ الله عمد «١٠» الدّين منهم بالعمدة الوثيقة، حماة الحقيقة،