خابوا ثلاثة أنصباء من جزور آخر، وعلى ذلك أبدا يفعل بمن فاز ومن خاب، فربما نحروا عدّة جزر، ولا يغرم الذين فازوا من ثمنها شيئا، وإنما الغرم على الذين خابوا، وكان عندهم أنه لا يحل للخائبين أن يأكلوا من ذلك اللحم شيئا؛ فإن فاز قدح الرجل فأرادوا أن يعيدوا قدحه ثانية على خطإ فعلوا ذلك به؛ وقد نظم الصاحب إسماعيل بن عبّاد أسماء القداح التي لها النصيب فوزا وغرما في أبيات فقال:
إن القداح أمرها عجيب ... الفّذّ والتّوأم والرّقيب
والحلس ثم النافس المصيب ... والمصفح المشتهر النّجيب
ثم المعلى حظّه الرّغيب ... هاك فقد جاء بها الترتيب
ومنها الأزلام: وهي ضرب من الطّيرة، كانوا إذا أرادوا فعل أمر ولا يدرون ما الأمر فيه، أخذوا قداحا مكتوبا على بعضها افعل، لا تفعل، وعلى بعضها نعم، وعلى بعضها لا، وعلى بعضها خذ، وعلى بعضها سر، وعلى بعضها سريع، فإذا أراد أحدهم سفرا مثلا أتى سادن الأوثان، فيضرب له بتلك القداح ويقول: اللهم أيّها كان خيرا له فأخرجه! فما خرج له عمل به، وإذا شكّوا في نسب رجل أجالوا القداح وفي بعضها مكتوب صريح، وفي بعضها مكتوب ملحق؛ فإن خرج الصريح أثبتوا نسبه، وان خرج الملحق نفوه. وإن كان بين اثنين اختلاف في حق سمىّ كل منهما له سهما وأجالوا القداح فمن خرج سهمه فالحق له وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ
«١» .
ومنها البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام.
فأما البحيرة، فكانت الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن عمدوا إلى الخامس منها ما لم يكن ذكرا فشقّوا أذنها وتركوها، فلا يجزّ لها وبر، ولا يحمل عليها