«١» وتنزّه عن اشتراك التشبيهات، في كلّ جليل الوصف مستقلّه وغير مستقلّه، علم ما اشتملت عليه خطرات الأسرار، وأشارت إليه نظرات الأبصار، وانفرجت عنه غمرات الأخطار، وأخفته سترات الظلماء وباحت به جهرات الأنوار: سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ
«٢» .
والحمد لله الذي جعل الدّين عنده الإسلام، فمن ابتغى غيره ضلّ المنهج، وأبعد المعرج، واستلقح المخدج، وغلط المخرج، وفارق النّور الأبلج، وركب الطريق الأعوج، وأتى يوم القيامة باللّسان الملجلج، ومن أسلم وجهه إليه فاز بالسّعي النّجيح، وحاز المتجر الرّبيح، وورد المورد الأحمد، ويمّم القصد الأقصد، ووجد الجدّ الأسعد، وسلك المنهج الأرشد، فهو العروة الوثقى، والطريقة المثلى، والدرجة العليا، وأمر به خير المرسلين، المنعوت في سير الأوّلين، المبعوث بالحق المبين، والقائم رسولا في الأمّيين، والهادي إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم، والداعي الذي من أجابه وآمن به غفر له ما تقدّم من ذنبه وأجير من عذاب أليم، والمستقلّ [بالعبء]«٣» العظيم، بفضل ما منح من الخلق العظيم، والممدوح بقوله: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ
«٤» والحمد لله الذي وصل النبوّة بالإمامة، وجعلها كلمة باقية في عقبه إلى يوم القيامة، وخصّها بالخصائص الّتي لا تنبغي إلّا لتامّ الكرامة، وأجار بها خلقه من متالف الطامّة وبوادي النّدامة، وهدى بشرف مقامه إلى دار المقامة، واستردّ بأنوار تدبيره من ظلام الباطل الطّلامة، وأحسن بما أجراه من نظره النظر