وأما ما يكتبه الخليفة في بيت العلامة، فينبغي أن يكتب:«عهدت إليه بذلك» ؛ لأنه اللفظ الذي ينعقد به العهد. ولو كتب:«فوّضت إليه ذلك» كما يكتب الخليفة في عهد السلطان الآن على ما سيأتي، كفى ذلك. والأليق بالمقام الأوّل.
وأما ما يكتب في ذيل العهد بعد تمام نسخته، فالمنقول فيه عن المتقدّمين ما كتب به «عليّ الرّضيّ «١» » تحت عهد المأمون «٢» إليه بالخلافة، وهو:
الحمد لله الفعّال لما يشاء، لا معقّب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور، وصلواته على نبيّه محمد خاتم النبيين، وآله الطيبين الطاهرين. أقول وأنا عليّ بن موسى بن جعفر: إنّ أمير المؤمنين عضّده الله بالسّداد، ووفّقه للرشاد، عرف من حقّنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت، وأمّن أنفسا فزعت، بل أحياها وقد تلفت، وأغناها إذ افتقرت، متّبعا رضا ربّ العالمين، لا يريد جزاء من غيره وسيجزي الله الشاكرين، ولا يضيع أجر المحسنين، وإنه جعل إليّ عهده، والإمرة الكبرى إن بقيت بعده، فمن حلّ عقدة أمر الله بشدّها، أو فصم عروة أحبّ الله إيثاقها، فقد أباح حريمه وأحلّ محرّمه، إذ كان بذلك زاريا على الإمام، منتهكا حرمة الإسلام، بذلك جرى السالف فصبر منهم على الفلتات، ولم يعترض بعدها على العزمات، خوفا على شتات الدّين، واضطراب حبل المسلمين، ولقرب أمر الجاهلية ورصد فرصة تنتهز، وباقية تبتدر. وقد جعلت لله تعالى على نفسي إن استرعاني على المسلمين، وقلّدني خلافته، العمل فيهم عامّة وفي بني العبّاس بن عبد المطّلب خاصّة بطاعته وبسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأن لا أسفك دما حراما، ولا أبيح فرجا ولا مالا، إلّا ما سفكته حدوده، وأباحته فرائضه، وأن أتخيّر الكفاة جهدي