الرجل إذا مات قام أكبر ولده، فألقى ثوبه على امرأة أبيه فورث نكاحها، فإن لم يكن له فيها حاجة يزوّجها بعض إخوته بمهر جديد، فكانوا يتوارثون النكاح كما يرثون المال، فأنزل الله تعالى لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً
«١» ، وحرم زوجة الأب بقوله وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا
«٢» ومن ثمّ سمّي نكاح المقت.
ومنها رمي البعرة: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها، دخلت حفشا (يعني خصّا) ولبست شرّ ثيابها ولم تمسّ طيبا حتّى تمضي عليها سنة، ثم يؤتى بدابة: حمار أو شاة أو طير، فتفتضّ به أي تتمسّح به فقلما تفتضّ بشيء إلا مات، ثم تخرج بعد ذلك فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع ما شاءت من طيب أو غيره فنسخ الإسلام ذلك بقوله تعالى وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً
«٣» .
ومنها وأد البنات (وهو قتلهنّ) . كانوا يقتلونهنّ خشية العار؛ وممن فعل ذلك قيس بن عاصم المنقريّ، وكان من وجوه قومه ومن ذوي المال، وكان سبب ذلك أن النعمان بن المنذر أغزاهم جيشا فسبوا ذراريّهم فأناب القوم وسألوه فيهم فقال النعمان: كل امرأة اختارت أباها ردّت إليه، وكل من اختارت صاحبها تركت معه، فكلهنّ اخترن آباءهنّ إلا ابنة لقيس بن عاصم فإنها اختارت صاحبها عمرو بن الجموح، فنذر قيس أنه لا يولد له ابنة إلا قتلها فكان يقتلهنّ بعد ذلك. وورد القرآن بإعظام ذلك بقوله وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ
«٤» .
ومنها قتل الأولاد خشية الإملاق والفاقة، فكان الرجل منهم يقتل ولده مخافة أن يطعم معه إلى أن نهى الله تعالى عن ذلك بقوله وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ