في قلوبهم؛ مواعيد الله لمن صابر ورابط، وسمح بالنفس وجاهد، من حيث لا يقدمون على تورّط غرّة، ولا يحجمون عن انتهاز فرصة؛ ولا ينكصون عن تورّد معركة، ولا يلقون بأيديهم إلى التّهلكة؛ فقد أخذ الله تعالى ذلك على خلقه، والمرامين عن دينه، وأن يزيح العلّة فيما يحتاج إليه من راتب نفقات هذه الثّغور وحادثها، وبناء حصونها ومعاقلها؛ واستطراق طرقها ومسالكها، وإفاضة الأقوات والعلوفات للمترتّبين فيها والمتردّدين إليها والحامين لها. وأن يبذل أمانه لمن طلبه، ويعرضه على من لم يطلبه. ويفي بالعهد إذا عاهد، وبالعقد إذا عاقد، غير مخفر ذمّة، ولا جارح أمانة، فقد أمر الله تعالى بالوفاء فقال جلّ من قائل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
«١» ونهى عن النّكث فقال عزّ من قائل: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ
«٢» .
وأمره أن يعرض من في حبوس عمله على جرائرهم «٣»[وإنعام النظر في جناياتهم وجرائمهم]«٤» فمن كان إقراره واجبا أقرّه ومن كان إطلاقه سائغا أطلقه.
وأن ينظر في الشّرطة والأحداث نظر عدل وإنصاف؛ ويختار [لها من الولاة]«٥» من يخاف الله تعالى ويتّقيه، ولا يحابي ولا يراقب «٦» فيه، ويتقدّم إليهم بقمع الجهّال، وردع الضّلّال؛ وتتبّع الأشرار، وطلب الدّعّار؛ مستدلّين على أماكنهم؛ متوغّلين إلى مكامنهم؛ متولّجين عليهم في مظانّهم؛ متوثّقين ممن يجدونه منهم، منفذين أحكام الله تعالى فيهم بحسب الذي يتبيّن من أمرهم، ويتّضح من فعلهم؛ في كبيرة ارتكبوها، وعظيمة احتقبوها؛ ومهجة أفاظوها «٧» واستهلكوها، وحرمة أباحوها وانتهكوها: فمن استحقّ حدّا من حدود الله المعلومة أقاموه عليه غير مخفّفين منه،