التحوّط والتحرّز، واعتماد الميل إلى جانب الصّحّة والتحيّز؛ ويوجب لهم من بعد ما يكفي أمثالهم مثله، ويكفّ أيديهم عن الامتداد إلى ما تذمّ سبله؛ فإن أخلّ أحدهم بما حدّ له، أو مزج بالسّوء عمله، جزاه بحسب ذلك وموجبه، قال الله تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ
«١» .
وأمره أن يتقدّم إلى نوّابه في الأعمال بوضع الرّصد على من يجتاز بها من العبيد الأبّاق، والاستظهار عليهم بحسب العدل والاستحقاق؛ واستعلام أماكنهم التي فصلوا عنها، ومواطنهم التي بعدوا منها؛ فإذا وضحت أحوالهم وبانت، وانحسمت الشّكوك في بابهم وزالت، أعادوهم إلى مواليهم أبوا أم شاءوا، وأصفوا نيّاتهم في الرجوع إليهم أم شابوا. وأن يقصدوا إنشاد الضّوالّ، ويجتهدوا من إظهار أمرها بما يغدو جمال الذّكر به في الظّلال، ويتجنّبوا أن يمتطوا ظهورها بحال، أو يمدّوا أيديهم إلى منافعها في إسرار وإعلان؛ حتّى إذا حضر أربابها سلّمت إليهم بالنّعوت والأوصاف، وأجري الأمر في ذلك على ما يضحى به علم العدل عالي المنار حالي الأعطاف؛ فقد أمر الله تعالى بأداء الأمانات إلى أهلها، وهدى من ذلك إلى أوضح محاجّ الصّحّة وسبلها، فقال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ
«٢» .
وأمره أن يختار للنظر في المعاون والأجلاب من يرجع إلى دين يحميه من مهاوي الزّلل وصلف «٣» عن مدّ اليد إلى أسباب المطامع، وكلف بما يعود على ما كلّف إيّاه بصلاح مشرق المطالع، ومعرفة بما وكل إليه كافية وافية، ولما يوجب الاستزادة «٤» له ماحية نافية، ويوعز إليهم بالتشمير في طلب الدّعّار، من جميع الأماكن والأقطار، وحسم موادّ العار في بابهم والمضار. وأن يمضوا فيهم حكم