ودرأه، اعتمد إلحاقه في ذلك بمن اتّصل إليه صوب الإحسان ودرّه، ومن لم يكن له جرم وتظهر صحّة شاهده ودليله، قدّم الأمر في إطلاقه وتخلية سبيله، وإن غدا لأحدهم سعي في الفساد واضح وبان، وغوى به في محاربة الحقّ وخان، قوبل بما أمر الله تعالى به في كتابه حيث يقول: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ
«١» . وأمره باختيار المرتّب للعرض والعطاء، والنّفقة في الأولياء؛ من ذوي المعرفة والبصيرة، والمشهورين في العفّة بتساوي العلانية والسّريرة؛ وممن تحلّى بالأمانة جيده، واعتضد بطرفيه في الرّشاد تليده؛ وكان بما يسند إليه قيّما، وفي مقرّ الكفاية ثاويا مخيّما. وأن يتقدّم إليه بضبط حلى الرّجال وشيات الخيول، وأن يقصد في كل وقت من تجديد العرض ما يشهد بالاحتياط السابغ الأهداب والذّيول، فإذا وضح وجه الإطلاق، وسلم مال الاستحقاق؛ كانت التفرقة على قدر المنازل في التقديم والتأخير وبحسب الجرائد «٢» التي تدلّ على الصغير من ذلك والكبير، ومتى طرق أحدهم ما هو محتوم على خلقه، أعاد على بيت المال من رزقه بقدر قسطه وحقّه. وأن يلزمهم إحضار جياد الخيول وخيار الشّكك «٣» ، ويأخذهم من ذلك بأوضح ما نهج المرء الطريق فيه وسلك؛ فإن أخلّ أحدهم بما يلزمه البروز فيه يوم العرض، أو قصّر في القيام بالواجب عليه الفرض، حاسبه بذلك من الثابت باسمه والمطلق برسمه؛ تنبيها له على تلافي الفارط، وتبصيرا لغيره في البعد، عن مقام المخطيء الغالط؛ إذ كان في قوّتهم وكمال عدّتهم إرهاب للأعداء والأضداد، وإرهاف للبصائر فيما يؤدّي إلى المصالح الوافية