ثم إنّ أمير المؤمنين آثر أن يضاعف له من الإحسان، ما يقتضيه مقامه لديه من وجيه الرتبة والمكان، وشرّفه بما يرفل من حلاه في حلل الجمال، وتكفّل له علاه ببلوغ منتهى الآمال؛ وبوّأه بما أولاه محلّا تقصر عن الوصول إليه الأقدام، وتعجز عن حلّ عراه الأيّام، ولقّبه بكذا، وأذن له في تكنيته عن حضرته، وتأهيله من ذلك لما يتجاوز قدر أمنيّته إنافة به على من هو في مساجلته من الأقران طالع، وإضافة للنّعمة في ذاك إلى ما اقترن بها فيما هو لشمل الفخر عنده جامع، وأنفذ لواء يلوي به إلى الطاعة أبيّ الأعناق، ويحوي به من العزّ ما أنواره وافية الإشراق.
فتلقّ يا فلان هذه الصّنيعة الغرّاء، والمنحة التي أكسبت زنادك الإيراء «٢» ؛ بالاستبشار التّام، والاعتراف فيها بسابغ الطّول والإنعام؛ وأشع ذكر ذلك عند كلّ أحد، وانته في الإبانة عنه إلى أبعد أمد؛ واعتمد مكاتبة حضرة أمير المؤمنين متسمّيا، ومن عداه متلقّبا متكنّيا وتوفّر على شكر تستدرّ به صوب المزيد، وتستحقّ به إلحاق الطّريف من الإحسان بالتّليد، والله تعالى يقول: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ
«٣» .
هذا عهد أمير المؤمنين إليك، والحّجة لك وعليك؛ قد أوضح لك [فيه] الصّواب، وأذلّ به الجوامح الصّعاب؛ وحباك منه بموهبة كفيلة بخيري البدء والمعاد، وفيّة فيها المنى بسابق الضّمان والميعاد؛ وضمّنه من مواعظه ما هدى به إلى كلّ ما الجنيّ ثمره، وغدا محظيّا بما تروق أوضاحه في المجد وغرره؛ ولم يألك فيه تجمّلا يكسبك الفخر النامي، ويجعل ذكرك زينة المحفل والنادي؛ وتقديما ينبيء عمّا خصصت به