العلماء حجّة واختلافهم رحمة؛ وفي مصالح الحرمين الشريفين وثالثهما الذي تشدّ الرحال أيضا إليه، وفي إقامة سبل الحجيج الذين «١» دعاهم الله فلبّوه واستدعاهم فقدموا عليه؛ وفوّض إليه كلّ ما هو من لوازم خلافته لله في أرضه: ما ذكر وما لم يذكر، تفويضا لازما، وتقليدا جازما، وعقدا محكما، وعهدا في مصالح الإسلام والمسلمين محكّما، واكتفى عن الوصايا بما جبل عليه خلقه الشريف من التقوى، وهدى نفسه النفيسة إليه من التمسك بالسند «٢» الأقوم والسبب الأقوى؛ فما ينبّه على حسنة إلّا وهو أسبق إليها، ولا يدلّ على خلّة «٣» إلا وفكره الشريف أسرع من فكر الدالّ عليها؛ وقد وثق ببراءة الذّمّة من حقّ قوم أضحوا لفضل مثله راجين، وتحقّق حلول النعمة على أمّة أمسوا إلى «لاچين» لاجين «٤» ؛ وقد استخار أمير المؤمنين الله في ذلك كثيرا، ولجأ إلى الله في توفيقه وتوقيفه على الصواب مما يجده في الحكم بذلك هاديا ونصيرا؛ وسارع إلى التسليم بأمر الله تعالى فيما فوّض إليه من أمور عباده إنّه كان بعباده خبيرا بصيرا.
وأشهد الله وملائكته ومن حضره من المؤمنين على نفسه بما تضمّنه هذا العهد الكريم، وحكم على الأمّة بمقتضاه فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
«٥» . والخطّ الشريف الإماميّ الحاكميّ أعلاه، حجة بمقتضاه؛ إن شاء الله تعالى.
وعلى قريب منه كتب القاضي شمس الدين إبراهيم بن القيسرانيّ عهد