أنت مقامه، وصرّف بك بين أهل الطاعة والعصيان إكرامه وانتقامه؛ رعيا لعهد سلفك الكريم، ولما استوجبته نفسك النفيسة من وفور التعظيم والتكريم؛ وعناية بالعساكر المؤيّدة الذين وجّهوا وجوه آمالهم إليك، وأبت كلمتهم التي صانها الله عن التفرّق أن تجتمع في الطاعة والخدمة إلّا عليك ولديك؛ ومنّة عليهم بسلطان ما برحوا من الله تعالى يطلبونه، وملك نشأوا بأبوابه العالية فلهذا يحبّهم ويحبّونه.
فاحمد الله تعالى الذي جعل لك في إعادة الملك أسوة بسليمان عليه السلام، وردّه إليك ردّا لا انفصال لعروته ولا انفصام؛ فأضحيت لأمور عباده سدادا، ولثغور بلاده سدادا، وللخليفة عضدا في الخليقة، وفي الدهر سامي الحقيقة حامي الحقيقة، وللملك وارثا، ورقّاك رقيّا أصبحت به في السلطنة واحدا وللخلافة المعظمة ثانيا وللقمرين ثالثا.
وبشراك! أنّ الله أبرم سبب تأييدك إبراما لا تصل الأيدي إلى نقضه، وأنك سئلت عن أمر طالما أتعب غيرك سؤاله في بعضه؛ وأن الله يحسن لك العون وبك الصّون، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا عبد الرّحمن بن سمرة! «١» لا تسأل الإمارة فإنّك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها» .
وبشراك! أن أمير المؤمنين خصّك بمزيد الاعتناء، وأقامك مقامه في حسن الغناء، وحقّق أنّ السعادة في أيامه موصولة منكم بالآباء والأبناء؛ وبلّغك بهذا التقليد الشريف الأماني، وتوّجه بيمين قريبة عهد باستلام الرّكن اليماني؛ واصطفاك بقلب أظهر له الكشوف إشراق تلك السّتور، وغدا مغمورا بالهداية ببركة البيت المعمور، ونظر زادته مشاهدة الحرم الشريف النبويّ نورا على نور؛ فقابل «٢» ذلك بالقيام في مهمات الإسلام، وتدقيق النظر في مصالح الخاصّ والعام؛