في قولك وعملك، وابتغاء رضاه في مختلج خطراتك وفكرك، واتباع طاعته في مخارج أمرك ونهيك، وقابل ما أنعم به عليك، وأحسن فيه إليك، بالشكر الذي موقعه من النعمة موقع القرى من الضيف، فإن وجده لم يذم، وإن فقده لم يقم، وامدد على من ولّيت عليه من الخاصّة والعامّة ظلّك، ووطّيء لهم كنفك واغمرهم بطولك؛ وسسهم سياسة يكون بها صلاحهم مضمونا، وحريمهم مصونا، وبلادهم معمورة، ومنافعهم موفورة، وحلبهم دارّا، وعيشهم رغدا، وثغورهم مسدودة، وأعاديهم مذودة، ومسالكهم محميّة، ومساكنهم مرعيّة، ومرهم بالمعروف، وانههم عن المنكر، وابعثهم على الحسنات، واكففهم عن السّيئات؛ وساو في الحق بين شريفهم ومشروفهم، وقويّهم وضعيفهم، وقريبهم وغريبهم؛ وملّيّهم وذمّيّهم وقوّم سفهاءهم وجهّالهم، وانف دعّارهم وخرّابهم، وأكرم صلحاءهم وعلماءهم، وشاور فضلاءهم وعقلاءهم؛ وجالس أدنياءهم وأعلياءهم، وأنلهم «١» مراتبهم، ونزّلهم منازلهم؛ وأرهم تمسّكك بالدين ليقتدوا بك فيه، ورغبتك في الخير ليتقرّبوا إليك به، وخذ الحقّ وأعطه؛ وابسط العدل وقل به، وادرإ الحدود بالشّبهات، وأقمها «٢» وأمضها بالبيّنات: لتكون الرغبة إليك في رغب، والرّهبة منك في رهب «٣» ؛ وبالجملة فاحمل الناس على كتاب الله- جلّ وعز- وآدابه، وسنة الرسول وما جاآ به «٤» .
واعلم أنّ أمير المؤمنين قد جعل كتابه هذا عهدا إليك، وحجة لك وعليك؛ وأنّ الأوامر والنواهي في العهود تكون كثيرة: وإنما قصّر فيه عن استيفائها،