عدقه «١» الله بأمير المؤمنين من أمور أوليائه أجمعين، وجنوده وعساكره المؤيّدين، المقيمين منهم والقادمين، وكافّة رعايا الحضرة بعيدها ودانيها، وسائر أعمال الدول باديها وخافيها؛ وما يفتحه الله تعالى على يديك من البلاد، وما تستعيده من حقوقه التي اغتصبها الأضداد، وألقى إليك المقاليد بهذا التقليد، وقرّب عليك كلّ غرض بعيد، وناط بك العقد والحلّ، والولاية والعزل، والمنع والبذل؛ والرّفع والخفض، والبسط والقبض، والإبرام والنّقض، والتّنبيه والغضّ، والإنعام والانتقام، وما توجب السياسة إمضاءه من الأحكام، تقليدا لا يزال به عقد فخرك نظيما، وفضل الله عليك وفيك عظيما ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً
«٢» .
فتقلّد ما قلّدك أمير المؤمنين من هذه الرّتبة التي تتأخّر دونها الأقدام، والغاية التي لا غاية بعدها إلّا ما يملّيك الله به من الدّوام؛ فلقد تناولتها بيد في الطاعة غير قصيرة، ومساع في خدمة أمير المؤمنين أيّامها على الكافرين غير يسيرة، وبذلت لها ما مهّد سبلها، ووصلتها بما وصل بك حبلها، وجمعت من أدواتها ما جمع لك شملها، وقال لك لسان الحق وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها
«٣» .
وتقوى الله سبحانه: فهي وإن كانت لك عادة، وسبيل لاحب «٤» إلى السعادة، فإنها أولى الوصايا بأن تتيمّن باستفتاحها، وأحقّ القضايا بأن تبتديء الأمور بصلاحها؛ فاجعل تقوى الله أمامك، وعامل بها ربّك وإمامك، واستنجح بها عواقبك ومباديك، وقاتل بها أضدادك وأعاديك، قال الله سبحانه في كتابه المكنون: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ