وإقامة حدوده، وإمضاء عقوده؛ وتشييد أساس الدعوة وبنائها، وتمييز آخذي عهودها وأنبائها، قيام من يعوّل في الأمانة على أهل الدّيانة، ويستمسك بحقوق الله تعالى الحقيقة بالرعاية والصّيانة.
والأموال فهي سلاح العظائم، ومواد العزائم، وعتاد المكارم، وعماد المحارب والمسالم؛ وأمير المؤمنين يؤمّل أن تعود بنظرك عهود النّضارة وأن يكون عدلك في البلاد وكيل العمارة.
والرّعايا فقد علمت ما نالهم من إجحاف الجبايات وإسراف الجنايات، وتوالى عليهم من ضروب النّكايات، فاعمر أوطانهم التي أخربها الجور والأذى، وانف عن مواردهم الكدر والقذى، وأحسن حفظ وديعة الله تعالى منهم، وخفّف الوطأة ما استطعت عنهم؛ وبدّلهم من بعد خوفهم أمنا، وكفّ من يعترضهم في عرض هذا الأدنى.
والجهاد فهو سلطان الله تعالى على أهل العناد، وسطوة الله تعالى التي يمضيها في شرّ العباد على يد خير العباد؛ ولك من الغناء فيه مصرا وشاما، وثبات الجأش كرّا وإقداما، والمصافّ التي ضربت فكنت ضارب كماتها، والمواقف التي اشتدّت فكنت فارج هبواتها «١» ؛ والتّدريب الذي أطلق جدّك، والتجريب الذي أورى زندك، [ما]«٢» يغني عن تجديد الوصايا البسيطة، وتأكيد القضايا المحيطة؛ وما زلت تأخذ من الكفّار باليمين، وتعظم فتوحك في بلاد الشّمال فكيف تكون في بلاد اليمين، فاطلب أعداء الله برّا وبحرا، وأجلب عليهم سهلا ووعرا، وقسّم بينهم الفتكات قتلا وأسرا، وغارة وحصرا، قال الله تعالى في كتابه المكنون: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً