وجّه أمله إلى الإنافة فيه به إليه، والجذب بضبعيه «١» إلى ذروة الاجتباء الذي تظهر أشعّة أنواره الباهرة عليه؛ فقلّده- على خيرة الله تعالى- الزّعامة والغلّات «٢» ، وأعمال الحرب والمعاون والأحداث والخراج والضّياع والصّدقات، والجوالي وسائر وجوه الجبايات، والعرض والعطاء، والنّفقة في الأولياء، والمظالم والحسبة في بلاده، وما يفتتحه ويستولي عليه من بلاد الفرنج الملاحين «٣» ، وبلاد من تبرز إليه الأوامر الشريفة بقصده من الشاذّين «٤» عن الإجماع المنعقد من المسلمين؛ و [من]«٥» يتعدّى حدود الله تعالى بمخالفة من يصل «٦» من الأعمال الصالحات بولائه المفروض على الخلائق مقبولة، وطاعته ضاعف الله جلاله بطاعته وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم موصولة؛ حيث قال عز من قائل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
«٧» . واعتمد- صلوات الله عليه وسلامه- في ذلك على حسن نظره ومدد رعايته، وألقى مقاليد التفويض إلى وفور اجتهاده وكمال سياسته، وخصّه من هذا الإنعام الجزيل بما يبقى له على تعاقب الدهر واستمراره، ويخلّد له على ممرّ الزمان حسن ذكره وجزيل فخاره؛ وحباه بتقليد يوطّد له قواعد الممالك، ويفتح بإقليده «٨» رتاج الأبواب والمسالك، ويفيد قاعدته في بلاده زيادة تقرير وتمهيد، ويطير به صيته في كلّ قريب وبعيد، ووسمه بالملك الأجلّ، السيد، الكامل، المجاهد، المرابط، نصير الدين، ركن الإسلام، أثير الأنام، تاج الملوك والسلاطين، قامع الكفرة والمشركين، قاهر