«التعريف» ابتداءها بخطبة، وهي: الحمد لله الذي أضفى [على الإسلام]«١» ملابس الشّرف، وأظهر درره وكانت خافية بما استحكم عليها من الصّدف، وشيّد ما وهى من علائه حتى أنسى ذكر ما سلف، وقيّض لنصره ملوكا اتفق على طاعتهم من اختلف.
أحمده على نعمه التي رتعت الأعين منها في الرّوض الأنف «٢» ، وألطافه التي وقفت الشكر عليها فليس له عنها منصرف؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة توجب من المخاوف أمنا، وتسهّل من الأمور ما كان حزنا، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي جبر من الدّين وهنا؛ وصفيّه الذي أظهر من المكارم فنونا لا فنّا، صلّى الله عليه وعلى آله الذين أضحت مناقبهم باقية لا تفنى، وأصحابه الذين أحسنوا في الدّين فاستحقّوا الزيادة من الحسنى.
وبعد، فإن أولى الأولياء بتقديم ذكره، وأحقّهم أن يصبح القلم ساجدا وراكعا في تسطير مناقبه وبرّه، من سعى فأضحى بسعيه الجميل متقدّما، ودعا إلى طاعته فأجاب من كان منجدا ومتهما، وما بدت يد من المكرمات إلّا كان لها زندا ومعصما، ولا استباح بسيفه حمى وغى إلا أضرمه نارا وأجراه دما.
ولما كانت هذه المناقب الشريفة مختصة بالمقام العالي، المولوي، السلطاني، الملكيّ، الظاهريّ، الركنيّ، شرفه الله تعالى وأعلاه، ذكره الديوان العزيز، النبويّ، الإماميّ، المستنصريّ- أعز الله تعالى سلطانه- تنويها بشريف قدره، واعترافا بصنعه الذي تنفد العبارة المسهبة ولا تقوم بشكره؛ وكيف لا؟ وقد أقام الدولة العبّاسية بعد أن أقعدتها زمانة «٣» الزّمان، وأذهبت ما كان لها من محاسن