أركانه «١» وهو مشيّد الأركان، وتحصّن به من حوادث الزمان «٢» ، وكانت أيّامه في الأيّام أبهى من الأعياد، وأحسن في العيون من الغرر في أوجه الجياد، وأحلى من العقود إذا حلّي بها عطل «٣» الأجياد.
وهذه الأقاليم المنوطة بك تحتاج إلى نوّاب وحكّام، وأصحاب رأي من أصحاب السيوف والأقلام، فإذا استعنت بأحد منهم في أمورك فنقّب عليه تنقيبا، واجعل عليه في تصرّفاته رقيبا، وسل عن أحواله ففي القيامة تكون عنه مسؤولا وبما أجرم مطلوبا، ولا تولّ منهم إلّا من تكون مساعيه حسنات لك لا ذنوبا، وأمرهم بالأناة في الأمور والرّفق، ومخالفة الهوى إذا ظهرت أدلّة الحقّ، وأن يقابلوا الضعفاء في حوائجهم بالثّغر الباسم والوجه الطّلق، وأن لا يعاملوا أحدا على الإحسان والإساءة إلّا بما يستحقّ، وأن يكونوا لمن تحت أيديهم من الرعية إخوانا، وأن يوسعوهم برّا وإحسانا، وأن لا يستحلّوا حرماتهم إذا استحلّ الزمان لهم حرمانا، فالمسلم أخو المسلم ولو كان عليه أميرا وسلطانا، والسعيد من نسج ولايته «٤» في الخير على منواله، واستسنّ بسنّته في تصرّفاته وأحواله، وتحمّل عنه ما تعجز قدرته عن حمل أثقاله.
ومما يؤمرون به أن يمحى ما أحدث من سيّء السّنن، وجدّد من المظالم التي هي من أعظم المحن، وأن يشترى بإبطالها المحامد رخيصة بأغلى ثمن؛ ومهما جبي «٥» منها من الأموال فإنما هي باقية في الذّمم «٦» حاصلة، وأجياد الخزائن إن