بقايا الدّول. وتحايا «١» الملوك الأول، لا سيّما أولو السّعي الناجح، ومن لهم نسبة صالحيّة إذا فخروا بها قيل لهم: نعم السلف الصالح، فأوسعهم برّا، وكن بهم برّا، وهم بما يجب من خدمتك أعلم وأنت بما يجب من حرمتهم أدرى؛ والثغور والحصون، فهم «٢» ذخائر الشّدة، وخزائن العديد والعدّة، ومقاعد للقتال، وكنائن الرّجاء والرّجال «٣» ، فأحسن لها التحصين، وفوّض أمرها إلى كلّ قويّ أمين، وإلى كلّ [ذي]«٤» دين متين، وعقل رصين، ونوّاب الممالك ونوّاب الأمصار، فأحسن لهم الاختيار، وأجمل لهم الاختبار، وتفقّد لهم الأخبار.
وأمّا ما سوى ذلك فهو داخل في حدود هذه الوصايا النافعة، ولولا أنّ الله أمرنا بالتذكير، لكانت سجايا المقرّ الأشرف السلطانيّ، الملكيّ، المنصوريّ، مكتفية بأنوار ألمعيّته الساطعة، وزمام كلّ صلاح يجب أن يشغل به جميع أوقاته، هو تقوى الله، قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ
«٥» .
فليكن ذلك نصب العين، وشغل القلب والشّفتين، وأعداء الدين من أرمن وفرنج وتتار، فأذقهم وبال أمرهم في كل إيراد للغزو وإصدار؛ وثر لأن تأخذ للخلفاء العباسيّين ولجميع المسلمين منهم الثّار، واعلم أنّ الله نصيرك على ظلمهم وما للظّالمين من أنصار.
وأما غيرهم من مجاوريهم من المسلمين فأحسن باستنقاذك منهم العلاج، وطبّهم باستصلاحك فبالطّبّ الملكيّ والمنصوريّ ينصلح المزاج «٦» ؛ والله الموفّق بمنّه وكرمه.