الإثم والعدوان، وأقررت اسم الخلافة على الانفراد، ليستخير الله في الأصلح للعباد والبلاد.
هذا ورأي أهل الحلّ والعقد من ملوك الإسلام وأمرائه، وقضاته وعلمائه، ومشايخه وصلحائه، وخاصّته وعامّته، ورأي مولانا أمير المؤمنين، أعزّ الله تعالى به الدّين، وجمع بيمن بركته شمل الإسلام والمسلمين، مجمع على تفويض أمر المسلمين وولاية عهدهم وكفالة السلطنة الشريفة والإمامة العظمى إليك- خلّد الله سلطانك، وجعل الدهر خديمك والملائكة أعوانك، فقدّم أمير المؤمنين من الاستخارة أمام هذا التقليد ما يعتبر في السّنّة الشريفة ويقدّم، وعلم أنّ المصلحة فيما خاره الله له وللأمّة من ولايتك أيّها الملك المبجّل والسلطان الأعظم، وأنك أبرأ للذّمّة، وأبرّ بالأمّة، وشاهد بإجماع الأمّة على سلطنتك من التآلف والاتّفاق، ما نفى الخلاف والشّقاق، وما سرّ الجمهور الطائعين من غير دفاع، والجمّ الغفير لبديع آرائك ورفيع راياتك مذعنين لحسن الاتّباع، وأهل الحلّ والعقد لأمرك ونهيك قد خضعت منهم الرّقاب، وسارعوا إلى إجابة دعوتك حين اتضحت لهم أدلّة الصواب، والزمان بإفضاء الأمر إليك قد طاب واعتدل، والأرض في مشارقها ومغاربها بمهابتك قد أمنت من الوجل، والنفوس الأبيّة قد أذعنت لمبايعتك من غير مهل، والفتنة وقد ردّ الله بالغيظ مثيرها، والألفة وقد برقت من سرائر أهل التوحيد أساريرها، والعساكر المنصورة قد أحاطت به كما أحاطت بالبدور الهالة، وقد أنزل الله عليك ناموس المهابة والجلالة، وفوّض إليك ما ولّاه الله من أمور الإسلام والمسلمين، وأسند إليك ما في يده من مصالح عباده المؤمنين: لتقيم على أساس أحكامك دعائم الدّين القويم، وتسيّر الخلائق على منهاج طريقك المستقيم، وتحسن- إن شاء الله- برعايتك عاقبة الرعيّة كما أصبحت قلوبهم بك راضية مرضيّة.
وعهد إليك أمير المؤمنين في كلّ ما وراء سرير خلافته، وفي كلّ ما يرتبط بأحكام إمامته، وقلّدك ذلك شرقا وغربا، وبعدا وقربا، وبرّا وبحرا، وسهلا