فالحمد لله ثم الحمد لله عن الدّهر وأبنائه، ولا مثل هذه النعمة بهذا الخبر وأنبائه، ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ
«١» وهذا ما كان من قضيّة الدين على رغم الوسواس الخنّاس «٢» ، وهذا ما كانت الآمال تنتظر وروده، وجواري القدم ترتقب سعوده:
والله ما زادوك ملكا إنّما ... زادوا أكفّ الطالبين نوالا!
وأمّا الوصايا، فأنت بحمد الله طالما ملأت بها الأسماع، وكشفت عاطفتك لمن أردت ترتيبه عنها القناع؛ ولكن عهد من تعبّداتك السماع لشدوها، والطّرب لحدوها، فعليك بتقوى الله، فيها تورق أغصان الأرب الذّوابل، ويغرّد طائر عزّك الميمون بالأسحار والأصائل؛ فاجعلها ربيع صدرك، وأينع بها حدائق فكرك، وروّح «٣» بعرفها الأريج أرجاء ملكك، وأجر الشرع الشريف على ما عوّدته من نصرك، والعلماء على ما ألفوه من برّك وخيرك، فهم ورثة الأنبياء عليهم السلام، والدالّون على الشريعة بأسنّة أقلامهم ما يكلّ عنه حدّ الحسام، وطهّر منصب الشرع الشريف من الرّذائل، وصن أيّام ملكك الشريف عن الجهّال، والآكلين أموال الناس بالباطل؛ والعدل- ونستغفر الله- فإنك مثمّر لغراسه، رافع ما انهدم من أساسه؛ قد جعلته مجلس محاكماتك، وأنيس خلواتك؛ والفضل- وبرّك أخجل الأقلام- فلو مرّ بك راجيك على الصّفا لا رتاح للمعروف، أو شاهد هباتك حاتم لرجع طرفه عنها وهو مطروف؛ ولا سرف في الخير، ولا ضرر ولا ضير؛ وأمر بالمعروف وانه عن المنكر فأنت المسؤول بين يدي الله عن ذلك، وانه