الخيف من أيدي مهابتك بالجمرات، وصل جيرانهما بصلاتك: لتسهر أعينهم بالدعاء لك وأنت في غفواتك. والقدس الشريف الذي هو أحد المساجد التي تشدّ إليها الرحال فزد تقديسه، واجعل ربوع عباداته بالصّلوات مأنوسة. وإقامة موسم الحج كلّ سنة فأنت بعد حركة تيمور فاتح سبيله، وكاسي محمله حلل توقيره وتبجيله.
هذه الوصايا تذكرة للخاطر الشريف وحاشاك من النّسيان، وهذا عهد أمير المؤمنين ومبايعة أولي الحلّ والعقد قد تقاضيا إلى حقّك على الزمان، وعندك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما ضلّ من تمسّك بهما ولا مان «١» ؛ فاتّبع أحكام الله يوسّع الله لك في ملكك، واجعل هديك بهما إمام نهيك وأمرك، وأدّ ما قلّدك الله من حقوق الإمامة والأمانة إلى خلقه أداء موفورا: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً
«٢» .
قلت: ولما كان هذا العهد قد ادّرع جلباب العجائب فأعجب، وارتدى برداء الغرائب فأغرب، وسقي غرسه ماء البلاغة فأنجب، وشنّف الأسماع إذ أسمع فأرقص على السماع وأطرب، وامتطى صهوة جياد البيان فتنقّل فيها من كميت إلى أشقر ومن أحوى إلى أشهب- أحببت أن آتي له بطرّة «٣» هي له في الحقيقة ذيل، ونغبة «٤» من بحر وقطرة من سيل، لا جرم جعلتها في الوضع في الكتاب له لا حقة، وإن جرت العادة أن تكون الطّرّة للعهد سابقة، وهو:
هذا عهد شريف ترقمه أقلام أشعّة الشمس بذهب الأصيل على صفحات الأيام، وتعجمه كفّ الثريّا بنقط النجوم الزواهر وإن كان لا عهد للعهود بالإعجام،