السابقة، وهي طريقة اقترحها الوزير ضياء الدين بن الأثير في «المثل السائر» أنشأ عليها عهدا في معارضة «١» المكتوب للسّلطان صلاح الدين «يوسف بن أيوب» من ديوان الخلافة ببغداد الاتي ذكره في المذهب الخامس، وهذه نسخته:
أما بعد، فإنّ أمير المؤمنين يبدأ بحمد الله الذي يكون لكلّ خطبة قيادا، ولكلّ أمر مهادا، ويستزيده من نعمه التي جعلت التّقوى له زادا، وحمّلته عبء الخلافة فلم يضعف عنه طوقا ولم يأل فيه اجتهادا، وصغّرت لديه أمر الدنيا فما تسوّرت له محرابا ولا عرضت عليه جيادا، وحقّقت فيه قوله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً
«٢» ؛ ثم يصلّي على من أنزلت الملائكة لنصره إمدادا، وأسري به إلى السماء حتّى ارتقى سبعا شدادا، وتجلّى له ربّه فلم يزغ منه بصرا ولا أكذب فؤادا؛ ثم من بعده على أسرته الطاهرة التي زكت أوراقا وأعوادا، وورثت النّور المبين تلادا، ووصفت بأنّها أحد الثّقلين هداية وإرشادا، وخصوصا عمّه العباس المدعوّ له بأن يحفظ نفسا وأولادا، وأن تبقى كلمة الخلافة فيهم خالدة لا تخاف دركا ولا تخشى نفادا.
وإذ استوفى القلم مداده من هذه الحمدلة، وأسند القول فيها عن فصاحته المرسلة، فإنه يأخذ في إنشاء هذا التقليد الذي جعله حليفا لقرطاسه، واستدام سجوده على صفحته حتّى لم يكد يرفع من راسه، وليس ذلك إلا لإفاضته في وصف المناقب التي كثرت فحسن لها مقام الإكثار، واشتبه التطويل فيها بالاختصار؛ وهي التي لا يفتقر واصفها إلى القول المعاد، ولا يستوعر سلوك أطوادها ومن العجب وجود السّهل في سلوك الأطواد؛ وتلك مناقبك أيّها الملك الناصر الأجلّ، السيد، الكبير، العالم، العادل، المجاهد، المرابط، صلاح الدين، أبو المظفّر، يوسف بن أيوب، والديوان العزيز يتلوها عليك تحدّثا