من الأنداد، ولم يحظ بهذه المزيّة إلا أنّه أصبح لك صاحبا، وفخر بك حتّى طال فخرا كما عزّ جانبا، وقضى بولايتك فكان بها قاضيا لمّا كان حدّه قاضبا.
وقد قلّدك أمير المؤمنين البلاد المصريّة واليمنيّة غورا ونجدا، وما اشتملت عليه رعيّة وجندا، وما انتهت إليه أطرافها برّا وبحرا، وما يستنقذ من مجاوريها مسالمة وقهرا؛ وأضاف إليها بلاد الشام وما تحتوي عليه من المدن الممدّنة، والمراكز المحصّنة؛ مستثنيا منها ما [هو]«١» بيد نور الدّين إسماعيل بن نور الدين محمود رحمه الله: وهو حلب وأعمالها، فقد مضى أبوه على آثار في الإسلام ترفع ذكره في الذاكرين، وتخلفه في عقبه في الغابرين، وولده هذا قد هذّبته الفطرة في القول والعمل، وليست هذه الرّبوة إلا من ذلك الجبل، فليكن له منك جار يدنو منه ودادا كما دنا أرضا ويصبح وهو [له]«٢» كالبنيان يشدّ بعضه بعضا؛ والذي قدّمناه من الثناء عليك ربّما تجاوز بك درجة الاقتصاد، وألفتك عن فضيلة الازدياد، فإياك أن تنظر إلى سعيك نظر الإعجاب، وتقول: هذه بلاد افتتحتها بعد أن أضرب عنها كثير من الأضراب، ولكن اعلم أنّ الأرض لله ولرسوله ثم لخليفته من بعده ولا منّة للعبد بإسلامه بل المنّة لله بهداية عبده؛ وكم سلف قبلك ممّن لو رام مارمته لدنا شاسعه، وأجاب مانعه؛ لكن ذخره الله لك لتحظى في الآخرة بمفازه، وفي الدنيا برقم طرازه؛ فألق بيدك عند هذا القول إلقاء التسليم، وقل: لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
«٣» .
وقد قرن تقليدك هذا بخلعة تكون لك في الاسم شعارا، وفي الرّسم فخارا، وتناسب محلّ قلبك وبصرك وخير ملابس الأولياء ما ناسب قلوبا وأبصارا؛ ومن جملتها طوق يوضع في عنقك موضع العهد والميثاق، ويشير إليك بأنّ الإنعام قد أطاف بك إطافة الأطواق بالأعناق؛ ثم إنك خوطبت بالملك وذلك خطاب