للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزحمتها مناكبه، وممّن يذلّ الصّعب إذا هو ساسه وإن سيس لان جانبه؛ وهذا الرجل الذي يرأس على القوم فلا يجد هزّة بالرياسة، وإن كان في الساقة «١» ففي السّاقة أو في الحراسة ففي الحراسة، ولقد أفلحت عصابة اعتصبت من ورائه، [وأيقنت بالنصر من رايته كما أيقنت بالنصر من رائه] «٢» .

واعلم أنه قد أخلّ من الجهاد بركن يقدح في عمله، وهو تمامه الذي يأتي في آخره كما أنّ صدق النيّة يأتى في أوّله؛ وذلك هو قسم الغنائم فإنّ الأيدي قد تداولته بالإجحاف، وخلطت جهادها فيه بغلولها فلم ترجع بالكفاف؛ والله قد جعل الظّلم في تعدّي حدوده المحدودة، وجعل الاستئثار بالمغنم من أشراط الساعة الموعودة، [ونحن نعوذ به] «٣» أن يكون زماننا هذا شرّ زمان وناسه شرّ ناس، ولم يستخلفنا على حفظ أركان دينه ثم نهمله إهمال مضيّع ولا [إهمال] «٤» ناس؛ والذي نأمرك به أن تجري [هذا] «٥» الأمر على المنصوص من حكمه، وتبرّيء ذمّتك مما يكون غيرك الفائز بفوائده وأنت المطالب بإثمه، وفي أرزاق المجاهدين بالديار المصرية والشاميّة ما يغنيهم عن هذه الأكلة التي تكون غدا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصّة وعذابا أليما؛ فتصفّح ما سطّرناه لك في هذه الأساطير التي هي عزائم مبرمات، بل آيات محكمات، وتحبّب إلى الله وإلى أمير المؤمنين باقتفاء كتابها، وابن لك منها مجدا يبقى في عقبك إذا أصيبت البيوت في أعقابها؛ وهذا التقليد ينطق عليك بأنه لم يأل في الوصايا التي أوصاها، وأنه لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها؛ ثم إنه قد ختم بدعوات دعا بها أمير المؤمنين عند ختامه، وسأل فيها خيرة الله التي تتنزّل من كلّ أمير بمنزلة نظامه، ثم قال:

اللهمّ إني أشهدك على من قلّدته شهادة تكون عليه رقيبه، وله حسيبه؛ فإنّي لم آمره إلا بأوامر الحقّ التي فيها موعظة وذكرى، وهي لمن اتّبعها هدى ورحمة وبشرى؛

<<  <  ج: ص:  >  >>