من العدل الممتدّ الظّلال، عاملا فيما يناط به بما يتضوّع نشر خبره «١» ، ويجتنى بحسن صنعه يانع ثمره، باذلا وسعه في الصلاح، مؤذنة مساعيه بفوز القداح.
ولمّا كان الملك الأجلّ، السيد، صلاح الدين، ناصر الإسلام، عماد الدولة، جمال الملك «٢» فخر الملة، صفيّ الخلافة، تاج الملوك والسلاطين، قامع الكفرة والمشركين، قاهر الخوارج والمتمرّدين، عزّ المجاهدين؛ ألب غازي بك ابن «٣» يوسف بن أيّوب- أدام الله علوّه- على هذه السّجايا مقبلا، وبصفاتها الكاملة مشتملا، مؤثرا تضاعف المأثرات، مثابرا على ما تزكو به الأعمال الصالحات، متحلّيا بالمحامد الرائقة، مستبدّا بالمناقب التي هي لجميل أفعاله موافقة مطابقة، محصّلا من رضا الله تعالى ما يؤثره ويرومه من طاعة الدّار العزيزة- لا زالت مشيّدة البناء، سابغة النّعماء، دائمة الاستبشار، عزيزة الأنصار- من استمرار الظّفر ما يستديمه، اقتضت الآراء الشريفة- لا زال التوفيق قرينها، والتأييد مظافرها ومعينها- إمضاء تصرّفه وإنفاذ حكمه في بلاد مصر وأعمالها، والصعيد الأعلى، والإسكندرية، وما يفتحه من بلاد الغرب والساحل، وبلاد اليمن وما افتتحه منها ويستخلصه «٤» بعد من ولايتها، والتعويل في هذه الولايات عليه، واستنقاذ «٥» ما استولى عليه الكفّار من البلاد، وإعزاز كلّ من أذلّوه واضطهدوه من العباد: لتعود الثّغور بيمن نقيبته ضاحكة المباسم، وبإصابة رأيه قائمة المواسم.
أمره بادئا بتقوى الله التي هي الجنّة الواقية، والذّخيرة الباقية، والعصمة الكافية، والزاد إذا أنفض وفد الآخرة وأرملوا «٦» ، والعتاد النافع إذا وجدوا شاهدا