مواضع العبادة ومواطنها، ومظانّ تلاوة القرآن المأمور بحفظ آدابها وسننها؛ فقد وصف الله تعالى من وفّقه [لتجميل بيوته بالعمارة]«١» ، بما أوضح فيه الإشارة، وشرّفه بوضع سمة الإيمان عليه بالإكرام الفاخر، فقال: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
«٢» : فيقيم الدعوة الهاديّة على المنابر على عادة من تقدّمه، ومنتهيا فيها إلى أحسن ما عهده وعلمه.
وأمره بلزوم نزاهة الحرمات، واجتناب المحرّمات، والتحلّي من العفاف والورع بأجمل القلائد الرائقة، والتقمّص بملابس التقوى التي هي بأمثاله لائقة، وسلوك مناهج الصّلاح الذي يجمل به فعله، ويصفو له علّه ونهله، وأن يمنع نفسه من الغضب، ويردّها عمّا تأمر به من سوء المكتسب، ويأخذها بآداب الله سبحانه في نهيها عن الهوى، وحملها على التّقوى، وردعها عن التورّط في المهاوي والشّبه، وكلّ أمر يلتبس فيه الحقّ ويشتبه، ويلزمها الأخذ بالعفو والصّفح، والتأمّل لمكان الأعمال فيه واللّمح؛ قال الله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ
«٣» .
وأمره بإحسان السّيرة في الرعايا بتلك البلاد، واختصاصهم بالصّون الرائح الغاد، ونشر جناح الرّعاية على البعيد منهم والقريب، وإحلال كلّ منهم محلّه على القاعدة والترتيب، وإشاعة المعدلة فيهم، وإسهام دانيهم من وافر ملاحظته وقاصيهم، وأن يحمي سرحهم من كلّ داعر، ويذود عنهم كلّ موارب بالفساد ومظاهر، حتّى تصفولهم من الأمن الشّرائع، وتصفو عليهم من بركة ولايته المدارع، وتستنير بضوء العدل منهم المطالع، ويحترم أكابرهم، ويحنو على أصاغرهم، ويشملهم بكنفه ودرعه، وينتهي في مصالحهم إلى غاية وسعه، ولا يألوهم في النّصح جهدا، ولا يخلف لهم في الخير وعدا، ويشاورهم في أمره فإنّ