للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار سلطانهم يقيم من ولاة العهد خليفة بعد خليفة.

وأمّا الوصايا فأنت يا ولدنا الملك الأشرف- أعزّك الله- بها الدّرب، ولسماع شدوها وحدوها الطّرب، الذي للّغو لا يضطرب، فعليك بتقوى الله عز وجلّ فإنها ملاك سدادك، وهلاك أضدادك، وبها يراش جناح نجاحك، ويحسن اقتداء اقتداحك؛ فاجعلها دفين جوانح تأميلك ووعيك، ونصب عيني أمرك ونهيك؛ والشرع الشريف فهو قانون الحق المتّبع، ومأمون الأمر المستمع، وعليه مدار إيعاء كلّ إيعاز، وبه يتمسّك من أشار وامتاز، وهو جنّة والباطل نار: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ

«١» ؛ فلا تخرج في كلّ حال عن لوازمه وشروطه، ولا تنكب عن معلّقه ومنوطه. والعدل فهو مثمّر غروس الأموال، ومعمّر بيوت الرّجاء والرّجال، وبه تزكو الأعمار والأعمال؛ فاجعله جامع أطراف مراسمك؛ وأفضل أيّام مواسمك؛ وسم به فعلك، وسمّ به فرضك ونفلك، ولا تفرد به فلانا دون فلان، ولا مكانا دون مكان، واقرنه بالفضل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ

«٢» . وأحسن التخويل، وأجمل التّنويل، وكثّر لمن حولك التموين والتّمويل، وضاعف الخير في كلّ مضاف لمقامك، ومستضيف بإنعامك، حتى لا تعدم في كلّ مكان وكلّ زمان ضيافة الخليل؛ والثّغور فهي للممالك مباسمها، وللمسالك مناسمها؛ فاجعل نواجذها تفترّ عن حسن ثنايا الصّون، ومراشفها شنبة «٣» الشّفاه بحسن العون؛ ومنها، بما يحمي السّرح منها، وأعنها، بما يدفع المكاره عنها، فإنها للنصر مقاعد، وبها حفظ البلاد من كلّ مارّ من الأعداء مارد؛ وأمراء الجيوش فهم السّور الواقي بين يدي كلّ سور، وما منهم إلا كلّ بطل بالنصر مشهور، كما سيفه مشهور، وهم ذخائر الملوك، وجواهر السّلوك، وأخاير الأكابر الذين خلصوا من الشكوك؛ وما منهم إلا من له خدمات سلفت، وحقوق عرفت،

<<  <  ج: ص:  >  >>