الناصر مكانه سيف الدين قبجق «١» نائبا، ثم نقله إلى حلب، وولّى أسندمر كرجي نيابة حماة مكانه. ولما رجع السلطان الملك الناصر من الكرك نقل أسندمر كرجي «٢» من حماة إلى حلب، وولّى المؤيّد عماد الدّين إسماعيل بن الأفضل عليّ ابن المظفّر عمر مكانه بحماة سنة ستّ عشرة وسبعمائة على عادة من تقدّمه من الملوك الأيّوبية، فبقي بها إلى أن توفّي سنة ثنتين وثلاثين وسبعمائة، فولّى الملك الناصر ابنه الأفضل محمدا مكانه، فبقي بها حتى مات الملك الناصر في ذي الحجّة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، واستقرّ في السلطنة بعده ابنه المنصور أبو بكر، وقام بتدبير دولته الأمير قوصون. فكان أوّل ما أحدث عزل الأفضل بن المؤيّد عن حماة، وولّى مكانه بها الأمير قطز نائبا. وسار الأفضل إلى دمشق فأقام بها حتى توفّي بها سنة ثنتين وأربعين وسبعمائة، وهو آخر من وليها من بني أيّوب.
وقد ذكر المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله في «مسالك الأبصار» أنّ سلطانها كان يستقلّ بإعطاء الإمرة والإقطاعات، وتولية القضاة والوزراء وكتّاب السرّ وكلّ الوظائف؛ وتكتب المناشير والتواقيع من جهته. ولكنه لا يمضي أمرا كبيرا في مثل إعطاء إمرة أو إعطاء وظيفة كبيرة حتّى يشاور صاحب مصر، وهو لا يجيبه إلا أنّ الرأي ما يراه. ومن هذا ومثله. قال: وإن كان سلطانا حاكما وملكا متصرّفا فصاحب مصر هو المتصرّف في تولية وعزل، من أراد ولّاه ومن أراد عزله.
قلت: وكان للمملكة بذلك زيادة أبّهة وجمال: لكون صاحبها تحت يده من هو متّصف باسم السلطنة، يتصرّف فيه بالولاية والعزل. على أنّ هذا القسم لم يتعرّض له المقرّ التّقوىّ بن ناظر الجيش «٣» في «التثقيف» لخلوّ المملكة الآن عن