بالذي عليهم والذي لهم، فيأخذ ما عليهم ويعطيهم الذي لهم، لا ينظرهم ولا يردّ المسلمين عن قتال عدوّهم، فمن أجاب إلى أمر الله عزّ وجلّ وأقرّ له، قبل ذلك منه وأعانه عليه بالمعروف، وإنما يقاتل من كفر بالله على الإقرار بما جاء من عند الله:
فإذا أجاب الدّعوة لم يكن له عليه سبيل، وكان الله حسيبه بعد فيما استسرّ به. ومن لم يجب إلى داعية الله قتل وقوتل حيث كان وحيث بلغ مراغمه «١» ، لا يقبل من أحد شيئا أعطاه إلّا الإسلام، فمن أجابه وأقرّ به قبل منه وعلّمه؛ ومن أبى قاتله: فإن أظهره الله عز وجلّ عليه، قتل فيهم كلّ قتلة بالسّلاح والنّيران، ثم قسم ما أفاء الله عليه إلّا الخمس فإنه مبلّغناه، وأن يمنع أصحابه العجلة والفساد، وأن لا يدخل فيهم حشوا حتّى يعرفهم ويعلم ما هم: لئلّا يكونوا عيونا، ولئلا يؤتى المسلمون من قبلهم؛ وأن يقصد بالمسلمين ويرفق بهم في السّير والمنزل، ويتفقّدهم ولا يعجل بعضهم عن بعض، ويستوصي بالمسلمين في حسن الصّحبة ولين القول.
وهذه نسخة عهد كتب به أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، لأبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه، حين ولّاه القضاء:
«٢» أمّا بعد، فإنّ القضاء فريضة محكمة، وسنّة متّبعة؛ فافهم إذا أدلي إليك «٣» ، وانفذ إذا تبيّن لك: فإنه لا ينفع تكلّم بحقّ لا نفاذ له، آس «٤»
بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك «٥»
حتّى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عونك «٦»
. والبيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر، والصّلح جائز