غلوب «١» الآفات على عقلك، فإنّ شواهد الحق ستظهر بأماراتها تصديق آرائك عند ذوي الحجا، وحال الرأي وفحص النظر، فاجتلب لنفسك محمود الذّكر وباقي لسان الصّدق بالحذر لما تقدّم إليك فيه أمير المؤمنين، متحرّزا من دخول الآفات عليك من حيث أمنك وقلّة ثقتك بمحكمها: من ذلك أن تملك أمورك بالقصد، وتداري جندك بالإحسان، وتصون سرّك بالكتمان، وتداوي حقدك بالإنصاف، وتذلّل نفسك بالعدل، وتحصّن عيوبك بتقويم أودك «٢» ، وتمنع عقلك من دخول الآفات عليه بالعجب المردي. وأناتك فوقّها الملال وفوت العمل، ومضاءتك فدرّعها رويّة النظر واكنفها بأناة الحلم، وخلوتك فاحرسها من الغفلة واعتماد الراحة، وصمتك فانف عنه عيّ اللّفظ، وخف سوء القالة «٣» ؛ واستماعك فأرعه حسن التفهّم، وقوّه بإشهاد الفكر، وعطاءك فامهد «٤» له بيوتات الشّرف وذوي الحسب، وتحرّز فيه من السّرف واستطالة البذخ وامتنان الصّنيعة، وحياءك فامنعه من الخجل، وبلادة الحصر «٥» ، وحلمك فزعه «٦» عن التّهاون وأحضره قوّة الشّكيمة، وعقوبتك فقصّر بها عن الإفراط، وتعمّد بها أهل الاستحقاق، وعفوك فلا تدخله تعطيل الحقوق، وخذ به واجب المفترض، وأقم به أود الدّين، واستئناسك فامنع منه البذاء وسوء المناقثة «٧» ، وتعهّدك أمورك فحدّه أوقاتا، وقدّره ساعات، لا تستفرغ قوّتك، ولا تستدعي سآمتك، وعزماتك فانف عنها عجلة الرأي، ولجاجة الإقدام؛ وفرحاتك فاشكمها «٨» عن البطر،