للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنه إن لم يكن بذلك الموضع من تسكن إليه واثقا بنصيحته قد بلوت منه أمانة تسكّنك إليه، وصرامة تؤمّنك مهانته، ونفاذا في أمرك يرخي عنك خناق الخوف في إضاعته، لم يأمن أمير المؤمنين تسلّل الجند عنك لواذا «١» ، ورفضهم مراكزهم، وإخلالهم بمواضعهم وتخلّفهم عن أعمالهم، آمنين تغيير ذلك عليهم، والشدّة على من اجترمه منهم، فأوشك ذلك في وهنك، وخذل من قوّتك، وقلّل من كثرتك.

اجعل خلف ساقتك رجلا من وجوه قوّادك، جليدا ماضيا، عفيفا، صارما، شهم الرأي، شديد الحذر، شكيم القوّة، غير مداهن في عقوبة، ولا مهين في قوّة، في خمسين فارسا يحشر إليك جندك، ويلحق بك من تخلّف عنك بعد الإبلاغ في عقوبتهم والنّهك لهم والتنكيل بهم. وليكن بعقوتك «٢» في المنزل الذي ترحل عنه، والمنهل الذي تتقوّض منه، مفرطا في النفض له، والتتبّع لمن تخلّف عنك به، مشتدّا في أهل المنزل وساكنه بالتقدّم، موعزا إليهم في إزعاج الجند عن منازلهم، وإخراجهم عن مكامنهم، وإيعاد العقوبة الموجعة والنّكال المبسل «٣» في الأشعار والأبشار، واستصفاء الأموال وهدم العقار لمن آوى منهم أحدا أو ستر موضعه، أو أخفى محلّه، وحذّره عقوبتك إيّاه في الترخيص لأحد، والمحاباة لذي قرابة، والاختصاص بذلك لذي أثرة وهوادة، ولتكن فرسانه منتخبين في القوّة، معروفين بالنّجدة، عليهم سوابغ الدّروع دونها شعار الحشو وجبب الاستجنان، متقلدين سيوفهم، سامطين كنائنهم، مستعدّين لهيج إن بدههم [أو كمين إن يظهر لهم] «٤» ؛ وإيّاك أن تقبل منهم في دوابّهم إلا فرسا قويّا أو برذونا وثيجا «٥» : فإن ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>