بحفظ كل باب منهما رجلا من قوّادك، في مائة رجل من أصحابه، فإذا فرغ من الخندق كان ذانك الرجلان القائدان بمن معهما من أصحابهما أهل ذلك المركز، وموضع تلك الخيل، وكانوا البوّابين والأحراس لذينك الموضعين، قد كفوهما وضبطوهما وأعفوا من أعمال العسكر ومكروهه غيرهما.
واعلم أنك إذا كنت في خندق، أمنت بإذن الله وقوّته طوارق عدوّك وبغتاتهم، فإن راموا تلك منك، كنت قد أحكمت ذلك وأخذت بالحزم فيه، وتقدّمت في الإعداد له، ورتقت مخوف الفتق منه؛ وإن تكن العافية استحقّيت حمد الله عليها، وارتبطت شكره بها، ولم يضررك أخذك بالحزم: لأن كل كلفة ونصب ومؤونة إنفاق ومشقّة عمل مع السلامة غنم وغير خطر بالعاقبة، إن شاء الله. فإن ابتليت ببيات عدوّك أو طرقك رائعا في ليلك، فليلفك حذرا مشمّرا عن ساقك، حاسرا عن ذراعك، متشزّنا لحربك، قد تقدّمت درّاجتك إلى مواضعها على ما وصفه لك أمير المؤمنين، ودبّابتك في أوقاتها التي قدّر لك، وطلائعك حيث أمرك، وجندك على ما عبّأ لك قد خطرت عليهم بنفسك، وتقدّمت إلى جندك إن طرقهم طارق، أو فاجأهم عدوّ، أن لا يتكلّم منهم أحد رافعا صوته بالتكبير مغرقا في الإجلاب، معلنا بالإرهاب لأهل الناحية التي يقع بها العدوّ طارقا، وليشرعوا رماحهم ناشبين بها «١» في وجوههم، ويرشقونهم بالنبل مكتنّين «٢» بأترستهم، لازمين لمراكزهم، غير مزيلي قدم عن موضعها، ولا متجاوزين إلى غير مركزهم؛ وليكبّروا ثلاث تكبيرات متواليات وسائر الجند هادون، لتعرف موضع عدوّك من معسكرك، فتمدّ أهل تلك الناحية بالرجال من أعوانك وشرطتك ومن انتخبت قبل ذلك عدّة للشدائد بحضرتك وتدسّ إليهم النّشّاب والرّماح.