وتقدّم إلى من توجّهه في طلبهم، وتتبعه أكساءهم، في سكون الرّيح، وقلّة الرّفث «١» ، وكثرة التسبيح والتهليل، واستنصار الله عزّ وجل بألسنتهم وقلوبهم سرّا وجهرا، بلا لجب ضجّة، ولا ارتفاع ضوضاء، دون أن يردوا على مطلبهم، وينتهزوا فرصتهم، ثم ليشهروا السّلاح، وينتضوا السّيوف، فإنّ لها هيبة رائعة، وبديهة مخوفة، لا يقوم لها في بهمة الليل وحندسه «٢» إلا البطل المحارب، وذو البصيرة المحامي، والمستميت المقاتل، وقليل ما هم عند تلك الحميّة وفي ذلك الموضع.
ليكن أوّل ما تتقدّم به في التهيّؤ لعدوّك، والاستعداد للقائه، انتخابك من فرسان عسكرك وحماة جندك ذوي البأس والحنكة والجلد والصّرامة، ممّن قد اعتاد طراد الكماة، وكشّر عن ناجذه في الحرب، وقام على ساق في منازلة الأقران، ثقف الفروسية، مجتمع القوّة، مستحصد المريرة «٣» ، صبورا على هول الليل، عارفا بمناهزة الفرص، لم تمهنه «٤» الحنكة ضعفا، ولا بلغت به السّنّ كلالا، ولا أسكرته غرّة الحداثة جهلا، ولا أبطرته نجدة الأغمار «٥» صلفا، جريئا على مخاطرة التلف، مقدما على ادّراع الموت، مكابرا لمهيب «٦» الهول، متقحّما مخشيّ الحتوف، خائضا غمرات المهالك، برأي يؤيّده الحزم، ونيّة لا يخالجها الشّكّ، وأهواء مجتمعة، وقلوب مؤتلفة، عارفين بفضل الطاعة وعزّها وشرفها، وحيث محلّ أهلها من التأييد والظّفر والتمكين، ثم اعرضهم رأي عين على كراعهم وأسلحتهم، ولتكن دوابّهم إناث عتاق الخيل، وأسلحتهم سوابغ الدّروع