يعضّد آراء أمير المؤمنين بالصواب، ويمدّه بالتوفيق في سائر الآراب، ويقود لمراده أزمّة جوامحها الصّعاب، ما أنجم سحاب، وأثجم رباب «١» ، بمنّه وسعة فضله.
وهذه نسخة عهد بولاية القضاء بسرّ من رأى «٢» ، كتب بها أبو إسحاق الصابي، عن الطائع لله، للقاضي أبي الحسين محمد ابن قاضي القضاة أبي محمد عبيد الله، بن أحمد بن معروف، حين ولّاه القضاء بسرّ من رأى وغيرها، وما أضيف إلى ذلك من أعمال الجزيرة، وهي:
هذا ما عهد عبد الله عبد الكريم، الإمام الطائع لله أمير المؤمنين، إلى محمد ابن قاضي القضاة عبيد الله بن أحمد، حين عرفت الفضيلة فيه، وتقيّل «٣» مذاهب أبيه، ونشأ من حصنه في المنشإ الأمين، وتبوّأ من سببه ونسبه المتبوّأ المصون، ووجده أمير المؤمنين مستحقّا لأن يوسم بالصّنيعة، والمنزلة الرّفيعة، على الحداثة من سنّه، والغضاضة من عوده، ساميا به في ذلك إلى مراتب أعيان الرّجال، التي لا تدرك إلّا مع الكمال والاكتهال: لما آنس من رشده ونجابته، واستوضح من عقله ولبابته، واسترجح من وقاره وحلمه، واستغزر من درايته وعلمه، وللّذي عليه شيخه قاضي القضاة عبيد الله بن أحمد من حصافة الدّين، وخلوص اليقين، والتقدّم على المتحلّين بحليته، والمنتحلين لصناعته، والاستبداد عليهم بالعلم الجمّ، والمعنى الفخم، والافتنان في المساعي الصالحة التي يسود أحدهم بأحدها، ويستحقّ التّجاوز لهم من استوعبها بأسرها، وبالثّقة والأمانة، والعفّة والنّزاهة، التي صار بها علما فردا، وواحدا فذّا، حتّى تكلّفها من