والوصول إليه في حينه، وخلفاء يردّ إليهم ما بعد من العمل عن مقرّه، وأعجزه أن يتولّى النظر فيه بنفسه، ينتخبهم من الأماثل، ويتخيّرهم من الأفاضل، ويعهد إليهم في كلّ ما عهد فيه إليه، ويأخذهم بمثل ما أخذ به، ويجعل لكلّ من هذه الطوائف رزقا يكفّه ويكفيه، وقوتا يحجزه ويغنيه؛ فليس تلزمهم الحجّة إلا مع إعطائهم الحاجة، ولا تؤخذ عليهم الوثيقة إلا مع إزاحة العلّة؛ فقد قال الله تعالى:
وأمره بإقرار الشهود الموسومين بالعدالة على تعديلهم، وإمضاء القضاء بأقوالهم، وحملهم على ظاهر السّلامة، وشعار الاستقامة، وأن يعتمد مع هذا البحث عن أديانهم، والفحص عن أماناتهم، والإصغاء إلى الأحاديث عنهم: من ثناء يتكرر، أو قدح يتردّد؛ فإذا تواتر عنده أحد الأمرين، ركن إلى المزكيّ الأمين، ونبا عن المتّهم الظّنين: فإنه إذا فعل ذلك اغتبط أهل الأمانة بأماناتهم، ونزع أهل الخيانة عن خياناتهم، وتقرّبوا إليه بما تنفق سوقه، ويستحقّ به التوجّه عنده، واستمرّ شهوده وأمناؤه، وأتباعه وخلفاؤه، على المنهج الأوضح، والمسلك الأنجح، وتحصّنت الأموال والحقوق، وصينت الحرمات والفروج؛ ومتى وقف لأحد منهم على هفوة لا تغفر، وعثرة لا تقال، أسقطه من عددهم، وأخرجه عن جملتهم، واعتاض منه من يحمد دينه، ويرتضي أمانته؛ قال الله تعالى: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ
«٢» . وقال في الشهادة: وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ
«٣» .
وأمره بالضّبط لما يجري في عمله من الوقوف الثابتة في ديوان حكمه،