وأمره أن يتخذ كاتبا قيّما بشروط القضايا والسّجلّات، عارفا بما يتطرّق نحوها من الشّبه والتأويلات، ويتداخلها من النّقص والتلبيسات، متحرّزا في كلّ حال، متنزّها عن ذميم الأفعال، وأن يتخيّر حاجبا نقيّ الجيب، مأمون المشهد والغيب، مستشعرا للتقوى، في السّر والنجوى، سالكا للطريقة المثلى، غير متجهّم للناس، ولا معتمد ما ينافي بسط الوجه لهم والإيناس: فإنه وصلتهم إليه، ووجهه المشهود قبل الدخول عليه؛ فلينتخبه من بين أصحابه، وممن يرتضيه من أمثاله وأضرابه.
وأمره بتسلّم ديوان القضاء والحكم، والاستظهار على ما في خزائنه بالإثبات والختم، والاحتياط على ما به من المال والسّجلّات، والحجج والمحاضر والوكالات «٢» ، والقبوض والوثائق والأثبات والكفالات، بمحضر من العدول الأمناء الثّقات، وأن يرتّب لذلك خازنا يؤدّي الأمانة فيه، ويتوخّى ما توجبه الديانة وتقتضيه.
وأمره بمراعاة أمر الحسبة: فإنها من أكبر المصالح وأهمّها، وأجمعها لمنافع الخلق وأعمّها، وأدعاها إلى تحصين أموالهم، وانتظام أحوالهم، وأن يأمر المستناب فيها باعتبار سائر المبيعات فيها: من الأقوات «٣» وغيرها في عامّة الأوقات، وتحقيق أسباب الزيادة والنّقصان في الأسعار، والتصدّي لذلك على الدّوام والاستمرار، وأن يجري الأمر فيها بحسب ما تقتضيه الحال الحاضرة، والموجبات الشائعة الظاهرة، واعتبار الموازين والمكاييل، وإعادة الزائد والناقص منها إلى التّسوية والتعديل؛ فإن اطّلع لأحد من المتعاملين على خيانة في