ويتحمّل عنه تكليفه بعض أحوالها، ترفيها للسيد الأجل عن التّعب، وتخفيفا من كثرة النّصب؛ على أنّ علوّ قدره الأجل لم يخله في وقت من الأوقات من مشاركة في التدبير، ولا صدّه عن ممازجة في مهمّ كبير، بل ما برحت يده في جميع أحوال الدولة جائلة، وجلالة منصبه تقضي بأن تكون تصريفاته لجميع الأمور شاملة، وتوقيعاته ماضية في الأموال والرجال، والجهات والأعمال؛ وأمير المؤمنين والسيد الأجل يستسعدان بأداته، ويتتبّعان في كل السياسات ما هو موافق لإراداته: لما خصّه الله [به]«١» من المرامي الصائبة، والمقاصد التي السعادة على ما يرد منها مواظبة، وجبله عليه من المحافظة على حسن المرجع وحميد العاقبة- خرج أمر أمير المؤمنين إلى السيد الأجل بالإيعاز إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السّجلّ لك:
فتقلّد ما قلّدته من النيابة عن والدك فيما إليه من أمور مملكته، وأحوال دولته، معتمدا على تقوى الله التي بها نجاة أهل اليقين، وفوز سعداء المتّقين، لقول الله عز من قائل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
«٢» . واحمل عن السيد الأجل والدك ما يؤثر أن تحمله عنه من الأثقال، وتكفّل ما يكلّفك إيّاه من الأشغال، ونفّذ ما يختار أن تنفّذه، وأنجز ما يؤثر أن تنجزه، وأمض ما يشير إليك «٣» بإمضائه من أساليب التوقيعات، وفنون المهمّات، وقم في كل من أمور نيابتك المقام الذي يرضيه، ويوجبه برّك ويقتضيه؛ وقد جعلك الله ميمون النّقيبة «٤» ، مسعود الضريبة، مكمّل الأدوات، مؤهّلا لترقّي الغايات، لا تكبر عن مباشرتك كبيرة، ولا تشفّ «٥» عن رتبتك رتبة خطيرة؛ واجر على عادة والدك في حسن السياسة والتدبير، والإجمال للأولياء لكما في كل صغير من الأمور وكبير.
والوصايا متّسعة الفنون، كثيرة الشّجون؛ ولك من مزيّة الكمال، وفضيلة