وأمضاه له في الأقطار من الأوامر والنّواهي، وأفرده به من الخصائص الشريفة التي يقصر عن تعديدها إسهاب الواصف المتناهي، ويسّره لإرادته من اقتياد كلّ أبيّ جامح، وحبّبه إليه من استعمال السّيرة المستدنية من المصالح كلّ بعيد نازح- يضاعف بهاء أيّامه باصطفاء ذوي الصّفاء، ويزيد في بهجة زمانه باستكفاء أولي الوفاء، ورفع منازل المعرقين في الولاء إلى غايات السّناء، وينيل المخلصين من الحباء، ما يدل على مواضعهم الخطيرة من الاجتباء، ويسند معالي الأمور، إلى الأعيان الصّدور، ويعدق الولايات الخطيرة، بمن حسنت منه الآثار والسّيرة، وأظهر تغاير الأمور ما هو عليه من خلوص النّية ونقاء السّريرة، واستولى على جوامع الفضل وغاياته، وقصرت همم الأكفاء عن مماثلته في الغناء ومساواته، وألقت إليه المناقب قياد المستسلم المسلّم، وأعجز تعديد محاسنه البارعة كلّ ناطق ومتكلّم، وسمت همّته إلى اكتساب الفخار، واستكمل فنون المحامد فحصلت لديه حصول الاقتناء الادّخار، وفاز من كلّ مأثرة بالنصيب الوافر المعلّى، وتشوّفت إليه الرّتب السنية تشوّف [من]«١» رأته لها دون الأكفاء أهلا، وكفى المهمّات بجنان ثابت وصدر واسع، وقرّبت عليه أفعاله المرضيّة من الميامن كلّ بعيد شاسع، ووسم جلائل التصرّفات بما خلّفه بها من مستحسن الآثار، وخلصت مشايعته من الأكدار فحلّ في أميز محلّ من الإيثار، وجارى المبرّزين من أرباب الرّياسات فسبق وأبرّ، وأحرز جميل رأي وليّ نعمته فيما ساء وسرّ.
ولمّا كنت أيها الأمير المعنيّ بهذا الوصف الرفيع، المخصوص من مفاخره بكلّ رائع بديع، الحالّ من الاصطفاء في أقرب محلّ وأدناه، المرتقي من الرياسة أشمخ مكان وأسناه، الأوحد في كل فضيلة ومنقبة، الكامل الذي أوجب له الكمال صعود الجدّ وسموّ المرتبة، المصلح ما يردّ إلى نظره بالتدبير الفائق، الشامل ما يعدق به بحزمه الذي لا تخشى معه البوائق «٢» ، المجمع على شكر خصائصه