الخدمة في ولاية القاهرة المحروسة، فتقلّد ما قلّدك أمير المؤمنين من ذلك: عاملا بتقوى الله الذي تصير إليه الأمور، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور؛ قال الله في كتابه المبين: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
«١» .
واعلم أنّ هذه المدينة هي التي أسّس على التقوى بنيانها، ولها الفضيلة التي ظهر دليلها ووضح برهانها: لأنها خصّت بفخر لا يدرك شأوه ولا تدرك آماده، وذلك أنّ منابرها لم يذكر عليها إلا أئمة الهدى آباء أمير المؤمنين وأجداده، ثم إنها الحرم الذي أضحى تقديسه أمرا حتما، وظلّ ساكنه لا يخاف ظلما ولا هضما، وغدت النعمة به متمّمة مكمّلة، والأدعية في بيوت العبادات به مرفوعة متقبّلة:
للقرب من أمير المؤمنين باب الرحمة ومعدن الجلالة، وثمرة النبوّة وسلالة الرسالة؛ فاشمل كافّة الرعايا بها بالصّيانة والعناية، وعمهم بتامّ الحفظ والرّعاية، وابسط عليهم ظلّ العدل والأمنة، وسرفيهم بالسّيرة العادلة الحسنة، وساو في الحقّ بين الضعيف والقويّ، والرّشيد والغويّ، والملّيّ والذّميّ، والفقير والغنيّ، واعتمد من فيها من الأمراء والمميّزين، والأعيان المقدّمين والشّهود المعدّلين، والأماثل من الأجناد، وأرباب الخدم من القوّاد، بالإعزاز والإكرام، وبلّغهم نهاية المراد والمرام، وأقم حدود الله على من وجبت بمقتضى الكتاب الكريم، وسنّة محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وتفقّد أمور المتعيّشين، وامنع من البخس في المكاييل والموازين، وحذّر من فساد مدخل على المطاعم والمشارب، وانتهج في ذلك سبيل الحق وطريق الواجب، واحظر أن يخلو رجل بامرأة ليست له بمحرم، وافعل في تنظيف الجوامع والمساجد وتنزيهها عن الابتذال بما تعزّ به وتكرم، واشدد من أعوان الحكم في قود أباة الخصوم، واعتمد من نصرة الحق ما تبقى به النعمة عليك وتدوم، وأوعز إلى المستخدمين بحفظ الشارع والحارات، وحراستها في جميع الأزمنة والأوقات، وواصل التّطواف في كل ليلة بنفسك في أوفى عدّة، وأظهر عدّة، وانته في ذلك وفيما يجاريه إلى ما يشهد باجتهادك، ويزيد في شكرك