واذكر ما يتلى من آيات الله في مثلها: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها
«١» والله يتولّى توفيقك وتوقيفك، ويديم [على]«٢» ما يحبّ تصريفك؛ إن شاء الله تعالى.
ومنها- ما كتب به القاضي الفاضل أيضا، وهي:
من عبد الله ووليّه (إلى آخره) .
أما بعد، فإنّ رتب الولايات متفاوتة الأقدار، متباينة الأخطار، وكلّ شيء منها عند أمير المؤمنين بمقدار، ولها رجال مشرّفو الأقدار، ومحالّها بحضرته مقدّرة تقدير منازل الأقمار، ومحالّ الأولياء بمقامه محالّ الأهلّة تتنقّل بين أوّل النّماء إلى انتهاء الإبدار «٣» ؛ ومن أميزها قدرا، وأحقّها بأن يكون صدرا، وأن يشرح لمن حلّه صدرا، وأن يسوق إليه الخاطب من استحقاقه مهرا، ولاية مدينة مصر: لأنها المجاورة لمحلّ الخلافة، وكلّ مصر بالنّسبة إليها معها بالإضافة، وهي خطّة النّيل، وفرضة المنيل «٤» وبها إذا هجمت الخطوب المنيل، ومنها من عثرات الأيام المقيل، ومنها تؤنس أنوار الإمامة على أنها تتوضّح بغير التأميل وبدء التأميل، ولا يؤهّل لولايتها إلا كل حامل لعبئها الثقيل، ولا تسند الخدمة فيها إلا لكل مثر من ذخائر السياسة غير فقير ولا مقلّ، ولا يتوقّل «٥» رتبتها إلا من تكون به الرتب منيرة ومحاسنه لا تملّ مما يملّ، ولا يمتطي صهوتها إلا من لا يطأطيء للأطماع عزّة نزاهته ولا يذلّ، ولا يرتقي درجتها إلا من يهتدي بأعلام الديانة التي لا تضلّ، ولا يقرأ سجلّها إلا لمن يطوي مظالم الرعية طيّ الكتاب للسّجلّ.
ولما كنت أيها الأمير ممن توقّدت هذه الأوصاف فيه توقّد النار في ذرى